يطلع علينا ليل وتقع على قلوبنا ليالٍ ، تغفو عنَّا ظلمه وينتعش فينا ظُلم وظلام وضلال
أشجان كِثَار ترتدينا تواشيح تتزين بنا في مسرحِ هذا الليل طقوس كابية تُبللنا تُنبت في رؤوسنا ألوان التعب أوهام كثار تتقافز بداخلنا ذَارةً السواد في الأرض العتمة...
الليل ينظم بدواخلنا فعاليات الشكوك والخوف والغفلة يفتح في رؤوسنا مراتع ترتع فيها الشياطين...
الليل تعبير فوضوي فاحش يغالب ضعفنا يكشف عن قوتنا يجبرنا على بقائنا عيارى نسامر الضعفَ والخوفَ والخور...
كيف يستبدُّ بي هذا المخلوق الأسود الذي لا أراه أي معركةٍ قذرة هذه التي تجمعني معه في هذه الحالة الصراعية التي يكون فيها الصراع أثنا عشر ساعة وأنا الصريع الذي لا يستطع حتى الهروب من مصرعه...
أكتب الآن وتتقاسمني تشاؤمات قتام وتتألف بداخلي معانٍ سُود...
كان بديع الزمان لا يستثير الليل, كان يقيم مع الليل علاقة وُدٍ وحب وحميمية دائمة لم يأتِ يوماً عبَّر فيه عن تشاؤمه من هذا المساء أو غيره بل كان يرى أن المنطقة الوحيدة التي ترى فيها نفسك وتنهضُ من داخل معدنك وتقيمُ مع ربِّك علاقةٌ ربانيةٌ لامعة هي الليل ذاك الذي يدهسني بكل مقلقاته والتباساته...
أظن بديع الزمان بهذه التجليات كان يعانق ليالي ساطعة ذات شذا عثماني أريج لها نكهتها الخاصة ولطعمها المذاق الفريد بهذه العذوبة والطافه الزائدة أظنها كانت ليالي بديع لا أظنها كليالينا القتام الغاصَّة بأصوات الصراصير وأصوات الصرير المُنكَّهَة برائحة المراحيض الهابَّة إلى شقوق الشبابيك...
ليالينا لا تُبدي حتى النعاس وسط زعران مبردقين يثقبون السكينة ويصبُّون على البيوت الفواجع...
بعد تجليات وإحياءات بديع الزمان أشعر بهذا المساء يُمسِكُ بي يضغط على أحاسيسي الشاردات, يأخذ في أذني ويقول أنت الليل, أنت الكآبة التي تنفرش على الكتابة, أنت العتمة الدائمة والسواد والديجور...
لماذا تُبدي تشاؤماتك من الحجب وأنت أكثر التفاصيل المحجوبة عن نفسها عن خالقها وعمَّن حولها المحجوب عن نفسه محجوب عن ربه ــ حد قول بديع الزمان؟.
لماذا تسخر من العتمة وأنت في حالة إعتام دائم؟
يستثيرك الظلام ولا يستثيرك الظلم والظالمين ورواد الضلالة؟
لا تُبدِ تشاؤمك وعبوسك وتقطُّبك من ليلٍ لا يتجاوز عمره ساعات وبدا ذلك في واقعك المعمّر الذي تعيشه..
سياسات معتمة وحُكَّام معتمون ووجوه ظلامية وجور وظلم وظلال.
أفكار ديجورية وضمائر قاتمة وخطابات سود...
من انتماءاتك الداكنة يجب عليك أن تتشاءم ، من موقفك المُغيِّم يجب عليك أن تتشاءم ، من ضميرك المثقوب يجب عليك أن تتشاءم ، من سوادك الداخلي يجب عليك أن تتشاءم ، من واقعك المُدهلز يجب عليك أن تتشاءم.
من هذا يجب عليك أن تتشاءم وتتخلص؟
