يتساءل الشارع اليمني عن القرار الذي سيتخذه البرلمان اليمني حيال استقالة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، خاصة وأن هناك معلومات تتحدث عن عدم قدرة البرلمان عقد جلسته الطارئة، التي دعت لها هيئة رئاسة البرلمان نتيجة العديد من العوامل، أبرزها سيطرة مسلحي جماعة الحوثي لمبنى البرلمان، بالإضافة لعدم وجود أي حالة وفاق ولو نسبي بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان. مع العلم أن حزب المؤتمر الشعبي العام هو صاحب الأغلبية المريحة في البرلمان وسيكون هو صاحب الفصل في قرار كهذا، رغم حديث مراقبين عن ضرورة أن يكون القرار توافقياً بعيداً عن هيمنة حزب صالح.

وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي، الدكتور عادل الشجاع، أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، أن نقاش البرلمان سيحدده خياران، الخيار الأول قد يذهب إلى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي من جميع المكونات السياسية.

وقال الشجاع في تصريح خاص لـ "أخبار اليوم": في هذه الحالة سيشعر المؤتمر الشعبي العام بأن المرحلة القادمة ستكون مرحلة مزمنة ومحددة للذهاب نحو الانتخابات بتوافق القوى السياسية، أما الخيار الثاني قد يرتكز على المؤتمر ذاته، بحيث أنه في حال شعور المؤتمر بأن الحوثي هو الذي سينفرد بالسلطة في اعتقادي بأنه سوف يرفض الاستقالة، وبالتالي سيكون هناك خيار ثلاثة اشهر، 90 يوم، أمام الرئيس هادي لكي ترتب القوى السياسية أيضاً أوراقها بما يخدم أمن واستقرار البلد، لان المؤتمر الشعبي العام لا يمكن أن يضحي بوحدة البلد ويجعلها تنزلق نحو الفوضى العارمة.

وعن المفاوضات التي يجريها حزب المؤتمر مع جماعة الحوثي المسلحة، والهدف منها قال الدكتور الشجاع: هناك تشاور وسماع لوجهة نظر الحوثي فيما يتعلق بالسلطة وفيما يتعلق بالمرحلة القادمة، المؤتمر الشعبي العام حريص كل الحرص على ان تكون القوى السياسية جميعها مشاركة في المرحلة القادمة لكي ينزع فتيل الأزمة، ولكي ينزع أيضاً فتيل المواجهات وينزع فتل التشظي الحاصل اليوم في اكثر من محافظة، وفيما إذا توصل الطرفان الى مثل هذا الاتفاق لشراكة حقيقية، التي ينادي بها الجميع ولكنها لم تطبق حتى هذه اللحظة، فاعتقادي أن المؤتمر سوف يمضي في هذا الاتجاه. أما إذا شعر أن هناك محاولة استفراد واستعراض للقوة فلن يكون مع هذا التوجه، وبالتالي المؤتمر عودنا في كل المراحل وفي كل الازمات بأنه يكون حريص الى حدٍ كبير في الحفاظ على مصلحة الوطن حتى لو كان ذلك على مصلحته كحزب.

وعن رأيه حول حديث بعض القوى حول عدول الرئيس هادي عن الاستقالة ومطالبة قوى أخرى بتراجعه عنها استبعد أستاذ علم الاجتماع تراجع هادي عن استقالته لأن الاستقالة مطروحة امام مجلس النواب ولم يعد الناس يتنظرون عدول الرئيس عن استقالته، انما يتنظرون ما الذي سوف يبت مجلس النواب، وهل ستكون هناك أغلبية 51 في المائة للتصويت على قبول الاستقالة أو رفضها، مضيفاً: كما قلت إذا كان هناك قبول للاستقالة سيتم مناقشة ذلك من زاوية المصلحة الوطنية، واذا كان هناك أيضاً رفض للاستقالة فسيكون من هذه الزاوية.. الناس الان امام خيارات تنقلهم نحو الاستقرار وليس نحو العنف ونحو الفوضى.

ولا يرى الدكتور الشجاع صوابية في اتخاذ قرار المقاطعة للجلسة الطارئة من قبل الكتلة البرلمانية للمحافظات الجنوبية، مقللاً في الوقت ذاته من المقاطعة كون البرلمان لم يتشكل وفق نطاق جغرافي، بالإضافة إلى أن هناك نصوصاً وقوانين ولوائح تنظم عمل البرلمان، وبالتالي البرلمان يتخذ دائماً قراراته بأغلبية الـ 51 في المائة وعندما تتوفر أغلبية الـ 51 في المائة تكون قرارته صحيحة وملزمة.

وقال: أنا اعتقد أنه على كل القوى اليوم أن تكون حريصة وأن تفوت الفرصة على القوى التي تريد ان تستفرد بالمشهد، هناك توجه يسيطر عليه ربما الجانب العاطفي وهو الغالب عليه، ولكن هذا التوجه هو يخدم الحوثي اكثر مما يضره ونحن نعلم ان جماعة الحوثي تشكل أقلية داخل البلد وترك الفراغ أمامها بهذا الشكل يجعلها هي التي تملأ مثل هذا الفراغ أيضاً، ونتركها تحقق مطالبها.

واستغرب من تبني بعض الشخصيات الدعوات المطروحة من تسمية الاقاليم والحديث عن أنه لا بد لإقليم سبأ واقليم الجند أن يذهبا الى الجنوب، وكذا التعامل مع فكرة الاقاليم في حين أن هذه الاقاليم لم تنزل الى الشعب، لم يصوت عليها، لم تصبح قائمة على ارض الواقع، مضيفاً: إن هذا التوجه يخدم الحوثي اكثر مما يضره، وإذا أرادوا فعلا ان يحتووا جماعة الحوثي وتلتزم بالعمل السياسي وتصبح جزءاً من هذا العمل السياسي، على هذه القوى فعلا ان توحد جهودها وتوحد رؤاها في اتجاه الذهاب نحو انتخابات أو ان تستعيد هذه القوى إرادة الشعب المنهوبة والمصادرة منذ فتره بعيدة. هذا هو التوجه الوطني حقيقةً بعيداً عن الانفعالات العاطفية في الوقت الراهن التي تخدم الحوثي أكثر مما تضره.

وأكد أن الحوثي لا يهمه في نهاية الامر إلا أن يحصل على جزء من الجغرافية الشمالية و بعد ذلك لا يهمه ان يذهب الوطن الى الجحيم، وهو الأمر الذي لا بد أن تفكر فيه هذه القوى تفكيراً عقلانياً، ولا بد أن تأتي القوى السياسية الفاعلة والمؤمنة بحق المواطن وبحق الوطن لكي تنظر نظرة الى المستقبل ولا تترك هذه الاختلالات تصب في مصلحة جماعة الحوثي.