ها هي حروفي تعود إليكم وكأنها حروف لم أعهدها من قبل، وكأني أمسك قلمي للمرة الأولى، وكأن كلماتي قررت العزلة، وكأن لغتي تغادرني ببطء.

أفكاري ملخبطة، وخواطري راحلة، لغات تائهة، أحباب مهاجرة، أشباح لمسات باقية..

كيف للأمل أن يغادر قلباً كان نبضه الأزلي؟ وكيف للسماء أن تتلون في ناظري؟ كيف للأحباب غادروا وقد اعتاد بؤبؤي لنظراتهم؟ كيف للعقارب أن تمر في مثل هذا الظلام الدامس؟

كيف تتغير ملامح البوح لدي إلى وحل يستعصي إزالته؟

وهكذا تجرني التساؤلات إلى مستنقع لم يكن بالحسبان

أيام وساعات، شهور ودقائق تمر..

وعلي أن أدرك أن الحياة مستمرة بأي مشاعر وأحاسيس.

ومع الوقت أدرك أن الشمس تغيب ولا يبكي لفراقها أحد، وأنها مستمرة بنفس العطاء ولو تغيرت أقوام ورحل أحباب، وأنها إن غابت تحمل عطاء من نوع آخر فتروي كل متعطش وتهدي البسمة لكل يائس، وهكذا نحن علينا أن ندرك أننا نعيش في كون من سننه التغير، وأن لا شيء باق سوى وجه الكريم، وأن علينا أن نتحمل عقبات غياب الأمل، كما يتحمل الكون غياب الشمس لثقته بعودتها.