اعتبر أستاذ التاريخ الحضاري والعلاقات السياسية بجامعة صنعاء د. عبدالله أبو الغيث ... اعتبر قيام المسلحين الحوثيين يوم أمس الأول بمنع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المعيَّن مؤخراً من أداء مهامه ومن دخول مكتبه في مجمع الدفاع بالعرضي اعتبر أن الحوثي هو صاحب سلطة الأمر الواقع في البلد مؤكداً في تصريح خاص لـ "أخبار اليوم" أن الحوثيين يريدون أن يقولوا لرئيس الجمهورية والحكومة كما قالوا لمحافظ الحديدة ليس بإمكانكم أن تتخذوا قراراً إلا بعد مشاورتنا وبعد أخذ موافقتنا وهم يريدون أن يقولوا للرئيس ذلك, والآن الكرة في ملعب الرئيس إما أن يثبت لنا أنه الرئيس الفعلي وصاحب القرار الأول في البلاد وإما أنه أصبح مجرد منفِّذ لقرارات هذا الطرف..
وتابع د. أبو الغيث: وفي هذه الحالة أرى أنه لا يشرِّفه أن يبقى رئيساً للجمهورية ويواجه الشعب ويقدِّم استقالته ويرحل ويدعوا إلى انتخابات مبكرة لعله أن يكون فيها الحل..
ولفت أستاذ التاريخ الحضاري والعلاقات السياسية بجامعة صنعاء قائلاً: "أتوقع مستقبلاً من الرئيس هادي مواصلة الصمت المطبق إزاء تحكمُّ الحوثيين بالقرار"
وأوضح د. أبو الغيث قائلاً: اتفاق السلم والشراكة كان واضحاً، اتفاق السلم والشراكة ألزم مليشيات الحوثي بالانسحاب من صنعاء ومن عمران والعودة إلى صعدة لكن الذي حدث العكس، أنهم انتشروا في محافظات عدة منها الحديدة وأب، وأنا استغرب من طلب الحوثيين من محافظ الحديدة بأنه يمكِّنهم من الامور وفقاً لتفاق السلم والشراكة، يعني أصبح اتفاق السلم والشراكة في نظر الحوثيين يطبَّق بالمعكوس..
وأضاف قائلاً: وكما قال محافظ الحديدة هم بكل بساطة يريدون أن يملكون "حق الفيتو" على أي قرار يصدر ليس في محافظة الحديدة فقط وإنما في الدولة كاملة وأبرز شيء على ذلك هو اعتراضهم على رئيس الأركان الجديد ومنْعِه من دخول الإدارة وممارسة عمله, فهذه قضية أعتقد أنها تحتاج إلى وقفة من رئيس الجمهورية ومن الحكومة لتحديد ما هو دور الدولة وما هو دور المليشيات؟
وأردف د. أبو الغيث قائلاً: إما أن يكون هناك وقفة صريحة لتوقيع اتفاق السلم والشراكة وهذه حقيقة واقع الأمر، وإما أن يتعاملوا مع الحوثي على أنه سلطة الأمر الواقع وبالتالي يسلموا الحكومة رئاسة وكل الوزارات وتنسحب بقية الاحزاب إلى المعارضة لتمارس دورها كمعارضة، أما أن تُنسَب الحكومة إلى أحزاب بينما السلطة الحقيقية في أيدي الحوثيين فهذا أمر ــ أعتقد ــ مقلق وسيادي إلى انهيار الدولة في وقت أقل ممَّا نتصور.
ورأى أستاذ التاريخ الحضاري والعلاقات السياسية بجامعة صنعاء أن الموقف الرئاسي من مليشيا الحوثي مريب وقال: شخصياً استغرب السكوت المريب من الرئيس, يعني يحدث كل هذا على الارض ولا نسمع حتى مجرد احتجاج أو إدانه، يعني لا نقول اتخاذ مواقف عملية، وهذا يجعلنا نذهب إلى الاعتقاد بأن ما حدث ربما كانت الرئاسة وأطراف أخرى شريكة فيه لكن فاجأنا الحوثي بالخروج عن النص فقط، وهم الآن يحاولون أن يعرضوا هذه ربما من تحت الطاولة بضغط إقليمي ودولي، مؤكداً: لكن ما حدث لا أستبعد شراكة السلطات الرسمية سواءً في الرئاسة او غيرها مع الحوثيين، لذلك لا نتوقع من الرئاسة أن يخرجوا علناً لمعارضة ما يمارسه الحوثيون؛ لأن هناك اتفاقية سرية ربما تم توقيعها بين هذه الأطراف مستدركاً: لا يعلمها الا الله والراسخون في العلم في هذا البلد.
وسرد الدكتور أبو الغيث مؤشرات تلك الاتفاقية السرية بين الرئيس والحوثي وشواهدها وقال: مثلاً سقوط عمران، قبل سقوط عمران شكل الرئيس لجنة ذهبت إلى صعدة و قيل لنا إنها ستنزع أسلحة الحوثي في صعدة وفوجئنا أن عمران سقطت وذهب الرئيس يقول إن عمران لم تسقط وإنما عادت إلى أحضان الجمهورية والدولة ثم بعد ذلك أصدر مجلس الأمن بيان لسحب قوات الحوثي من عمران وإعادتها إلى صعدة وفوجئنا بأن صنعاء والدولة بالكامل هي التي سقطت بصورة مفضوحة ومكشوفة للجميع.
وتابع قائلاً: وأعتقد كل ذلك كان مرتباً، لكن عندما وجد الحوثي أن الدولة أمامه وبإمكانه أن يأخذ كل ما يريد فواصل انتشاره وتمدُّده ومنذ شهرين لم تصرِّح الدولة بأن هناك نهباً تاماً للمعسكرات باستثناء التصريح الذي صدر من مستشار رئيس الجمهورية لصحيفة البيان والذي كشف أن ما أخذه الحوثيون من الأسلحة يساوي تقريباً ما بقي لدى الدولة.
وأضاف أبو الغيث قائلاً: أيضا الأطراف الإقليمية كان هدفها ربما إغراق البلد في حرب طائفية خصوصاً بين الحوثيين والاصلاح وربما تعطل ذلك الهدف عندما أبدى الاصلاح والقوى المحسوبة عليه عدم الرغبة للانجرار إلى هذا الصدام و هو الذي أوقف الصدام و ذلك قد أصاب القوى التي خططت لهذه العملية سواءً داخلياً أو خارجياً بالإرباك وتصبح غير قادرة على اتخاذ الخطوة القادمة، يعني صراع المصالح بينها أكثر ما هو بينها وبين القوى التي كانت تريد تصفيتها .
