استحضار صالح

2014-11-06 18:38:40 ملف خاص/ وليد عبدالواسع- محيي الدين الأصبحي

مرعب كل هذا الانشغال الدولي والإقليمي لدرجة الهوس بـ" علي عبد الله صالح" وكأن العالم توقف على عجل أمام هذا الانشغال الذي لا ينافسه فقط سوى الرعب من "وباء ايبولا"- حد محللين يرون أن رهان الغرب والخليجيين على حلفائهم- إضافة لارتداد علي عبدالله صالح عليها وبضعف الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي الذي وجد أن جيشه هو حقاً جيش علي عبدالله صالح- قد شكل صدمة قوية للمراهنين..

ما الخطوة التالية؟!

تتطرق الصحفية اللبنانية والمحللة السياسية راغدة درغام إلى الأوضاع التي تعيشها الدول العربية, مشيرة إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن وكيف استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء والصدمة تلقتها السعودية وخلفها انتقام صالح الحاد من خصومه .

الولايات المتحدة تغرق في هوسٍ تلو الآخر تقليدياَ، لربما نتيجة انصباب الإعلام الأميركي على أمرٍ واحدٍ تلو الآخر وكأن العالم توقف عند الأولوية الأميركية بصفتها طبق اليوم، إذا جاز التعبير.. خطورة هذا النمط- وفق درغام- هي أن أحداثاً فائقة الأهمية تغيب كلياً عن الأذهان فيما تختمر لتصبح في المستقبل القريب الخطر الداهم الذي «يفاجئ» أميركا، والأخطر أن حلفاء الولايات المتحدة وأصدقاءها يهرولون لتلبية أولويتها العاجلة بلا إصرار على استراتيجية واضحة وبتلهٍ تام عما يجب أن يتنبه إليه هؤلاء في عقر دارهم وفي حديقتهم الخلفية. وهذا تماماً ما حدث أخيراً في اليمن عندما سقطت العاصمة صنعاء في أيدي الحوثيين الموالين لإيران فبات اليمن مرشحاً للتحوّل إلى عنق السيطرة الإيرانية على مضيق هرمز والملاحة الدولية. هذا إلى جانب تحوّله إلى أكبر وأخطر تحدّ حدودي مباشر للسعودية. كيف حدث هذا ولماذا؟ الأجوبة كثيرة، بعضها غامض وبعضها مدهش.

واليمن مرشح لحروب استنزاف تتداخل فيها «القاعدة» و الحوثيون وقبائل وعشائر مسلحة وجيش يبدو أن ولاءه حالياً للانتقام كما يجسّده الرئيس علي عبدالله صالح الذي رُحِّل، ثم عاد, فضلاً عن الحراك الجنوبي المنادي بالانفصال كما ظهر ضمن القائمة مؤخراً.. "الدول الغربية لا تريد فتح الحديث حول الأدوار الإيرانية في لبنان واليمن وسورية والعراق مع طهران، لأنها، على ما تزعم، لو فعلت لميّعت الحديث النووي مع إيران. وهذا هراء": تقول درغام, وهي تضيف" كل ما عليها أن تضع على الطاولة هو عنوانين: الطموحات الإيرانية النووية، والطموحات الإيرانية الإقليمية. ولو طرحت العنوانين معاً لتمكنت من التأثير في صنع القرار الإيراني لمصلحة قوى الاعتدال التي تريد التركيز على الداخل الإيراني ولا تسعى وراء الهيمنة الإقليمية التي تميّز استراتيجية قوى تصدير الثورة الإيرانية. فإذا أرادت إيران التخلص من العقوبات، عليها الكف عن التدخل الواضح في سورية لمصلحة الرئيس بشار الأسد ونظامه، وفي لبنان لمصلحة سيطرة «حزب الله» على البلد، وفي العراق لمصلحة استمرار أنماط الإقصاء التي فرضها حليف طهران رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وفي اليمن لمصلحة احتلال الحوثيين العاصمة صنعاء. هكذا يجب على واشنطن ولندن وباريس وبرلين تناول المفاوضات مع إيران، لو كانت حقاً صادقة في دعم استقرار المنطقة وليس زعزعته.

وترى بأن المشكلة هي أن الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة لا تخاطبها بجدية وبالصراحة التي تقتضيها هذه المرحلة. تعتقد هذه الدول أن الانصياع إلى الأولويات الأميركية هو شهادة على الولاء وإثبات للجدارة والثقة. واقع الأمر أن هذه الأنماط من التعامل تساهم حقاً في إضعاف الشراكة وفي تقويض الثقة. وحان وقت إعادة النظر.

وتعتبر الكاتبة ما حدث في اليمن شهادة على مفاجأة الغياب والتغيب المدهشين. السعودية فوجئت بسرعة وزخم الحدث اليمني واستيلاء الحوثيين على العاصمة.. وتتساءل المحللة: لماذا فوجئت واليمن على أبوابها؟ هذا هو المدهش. وإن من الصعب عليها فتح جبهة اليمن وهي منغمسة في جبهة الحرب على «داعش».

سياسات صالح

33 عاماً قضاها في النضال من اجل الوحدة والحرية والجمهورية- كما ظل يتوهم.. وفي عشية وضحاها ينسف كل شيء وطني وجميل.. لكنه بسياساته يمزق النسيج الاجتماعي ويدمر البلاد ويسعى لهدم المعبد على رؤوس ساكنيه ..دمر ومزق المؤتمر الشعبي العام و يفرخ ويشتت ويفرق وينتقم حتى من نفسه ومن عائلته وأقاربه و... إالخ.. هكذا يصفه سياسيون.

إنه علي عبد الله صالح في نظر الولايات المتحدة الأميركية ودول إقليمية, كما هو في نظر مراقبين يرون بأن اليمنيين اليوم يجنون ثمار السياسات الانتقامية التي يمارسها الرئيس السابق الذي ينسب له ولشريكه البيض ومعهما القوى الوطنية الخيرة توحيد البلاد وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م والتي جاءت كثمرة لنضالات الشعب وزعماء اليمن السابقين أمثال سالمين والحمدي وفتاح وعلي ناصر محمد والارياني وعلي عنتر وصالح مصلح وعلي شايع والجاوي وآخرين..

كان لتلميح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بإمكانية التدخل الفوري في اليمن نظراً للأوضاع المتردية والمتفجرة أن حملت دلالات على شعور المجتمع الدولي بخطورة الوضع الأمني والاقتراب من اغتيال ما تبقى من الدولة.

يقول مراقبون إن الولايات المتحدة والأسرة الدولية يدركون إمكانية فتح قنوات حوار مع جماعة الحوثيين، لكن وجود صالح يمنع ذلك؛ كون صالح بحسب مراقبين قرر الاتجاه في طريق الانتقام وعدم العودة إلا بما تقتضيه مصالحه التي حددها مسبقاً.

إن الولايات المتحدة ودول الغرب سيجدون أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: التدخل لإنقاذ الوضع برمته، أو خروج صالح لفتح قنوات جديدة من الحلول الممكنة؛ لأنهم لا يمكن أن يكونوا في موقع المتفرج حيال تهديد أمنهم الدولي- وفق المراقبين.

وكشفت مصادر أن الحملة التي شنها حزب المؤتمر على جمال بنعمر أتت على خلفية إبلاغ صالح بضرورة (خروجه) من صنعاء إلى خارج البلاد. ونقلت مصادر دبلوماسية أن المجتمع الدولي لن يقبل بقاء صالح في اليمن، والضرورة اليوم أصبحت ملحة وملزمة، ولا تحتمل التأجيل أكثر من ذلك، لاتخاذ قرارات موجعة ضد صالح، في الأيام القليلة القادمة.

ووفق صحيفة الشرق الأوسط ، دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي، إلى فرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، واثنين من زعماء الحوثيين، معتبرة أنهم يهددون الأمن والاستقرار، ويعرقلون العملية السياسية في اليمن.

وقالت الصحيفة "يأتي ذلك ضمن تحرك مجلس الأمن لتسمية معرقلي العملية السياسية في اليمن بموجب القرار الأممي رقم 2140. وأن الطلب الأميركي يشمل إلى جانب صالح، قيادات وزعماء حوثيين.

بين التهديدات الأممية وتلميحات التورط الأميركية..

تشابك المصالح.. هل يُنجي صالح؟!

ظُهور مسئولين أميركيين- للحديث عن توافر معلومات ووثائق تدين تورط الرئيس اليمني السابق/ علي عبد الله صالح في تهديد إنجاح العملية السياسية- بدى مثيراً للغرابة بالنسبة لمراقبين وهم يتساءلون: ماذا تبقى لمجلس الأمن من فرص لفرض عقوباته على صالح مادامت العقوبات التي تحتاج إلى أدلة لم يعد ما يعيقها.. غير أن الحيرة في ذلك تحمل كثيراً من الشكوك عن تشابك الكثير من التعقيدات والأسرار المريبة يخشاها أطراف اللعبة السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً..

مسؤول في الخارجية الأميركية قال إن الولايات المتحدة جمعت معلومات ووثائق تورط صالح والحوثيين في «التهديد الواضح لاتفاقيات التحول الديمقراطي السلمي في اليمن». وعن تأخر الولايات المتحدة كل هذه الفترة حتى تقديم مقترحها إلى مجلس الأمن قال المسؤول: «نحن نظل ملتزمين بقرارات فرض عقوبات.. لكن ليس ممكناً فرض عقوبات دون أدلة».

 وأضاف أن «تطورات كثيرة حدثت، وتوفرت لدينا معلومات لم تكن متوفرة في ذلك الوقت».

وأضاف المسؤول الأميركي في تصريحات نقلتها صحيفة " الشرق الأوسط " أن العقوبات تشمل الحوثيين، ليس فقط بسبب نشاطاتهم الأخيرة، ولكن أيضاً تجاه سير العملية السياسية والأعمال العسكرية التي يقومون بها. وأشار إلى بيان، قبل شهرين، قال إن الولايات المتحدة أدانت في مجلس الأمن «بقوة الإجراءات التي اتخذٍها الحوثيون، وأولئك الذين يدعمونهم». ووصفت أفعالهم بأنها «تسعى لتقويض مبادرة مجلس التعاون الخليجي، وعملية الانتقال السياسي والاستقرار في اليمن».

أول من أمس الثلاثاء بحث مجلس الأمن الدولي مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لفرض عقوبات على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، واثنين من زعماء جماعة الحوثيين، قالت إنهم «يهددون الأمن والاستقرار، ويعرقلون العملية السياسية (في اليمن)، ويشمل الطلب الأميركي فرض حظر دولي على السفر، وتجميد أصول، لكل من علي عبد الله صالح، إضافة إلى عبد الخالق الحوثي، وعبد الله يحيى الحاكم. والأخيران هما من الصف الأول في حركة الحوثيين المتمردة التي سيطرت على معظم المدن في شمال البلاد في إطار تحالف مباشر بين الحركة والرئيس السابق. غير أن عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين، انتقد مجلس الأمن لأنه دعا الحوثيين إلى سحب المسلحين من صنعاء ومداخلها. وقال الحوثي إن ذلك «يتماشى مع السياسية الأميركية التي تدعم الفساد، وتقف إلى جانب الفساد، وتدعم سياسة الإفقار والتجويع».

المجلس الأممي كان استمع إلى تقرير مساعد الأمين العام ومبعوثه الخاص إلى اليمن، جمال بنعمر، الذي تحدث فيه عن التطورات الأخيرة. وعقب النقاش اجتمع مندوبو الدول الـ5 الدائمة العضوية مع مندوبي مجلس التعاون الخليجي الذي مهدت مبادرته للمرحلة الانتقالية، ثم الانتخابات، قبل غزو الحوثيين لصنعاء ومناطق أخرى في اليمن. وكان المندوب الروسي في مجلس الأمن اتهم الولايات المتحدة بالدفاع عن الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وقال إن واشنطن تحميه ولا تريد تطبيق العقوبات عليه، وإن واشنطن تخشى زيادة نفوذ الإسلاميين في اليمن، وتريد العودة إلى الاعتماد على «العلماني» صالح.

ورغم أن مسؤولين أميركيين نفوا حماية صالح، نسب دبلوماسي أميركي- وصف بالرفيع في اليمن- قوله إن الحكومة الأميركية والمجتمع الدولي لا يستطيعان رفع الحصانة عن صالح في اليمن لأنها ضمن اتفاق وقعت عليه القوى السياسية الرئيسية، وصادق عليه مجلس النواب، غير أن هذا الدبلوماسي قال إن العقوبات الدولية في حالة عرقلة العملية السياسية يمكن أن تنفذ إذا توفرت أدلة كافية. وقالت مصادر إخبارية أميركية إن الحكومة اليمنية نفسها تتحمل مسؤولية التقاعس عن معاقبة صالح، وإنها رفضت التعاون مع بريطانيا، التي كانت وراء قرار العقوبات رقم 2140، والتي كانت تبحث عن أدلة لفرض العقوبات. وقالت هذه المصادر إن تقاعس حكومة اليمن من أسبابه وجود عناصر في السلطة متورطة مع صالح، ومع مسؤولين سابقين.

في نفس الوقت اتهمت المصادر دولاً في مجلس التعاون الخليجي بالتردد في تطبيق العقوبات خوفاً على أموال كثيرة أودعها سياسيون يمنيون، سابقون وحاليون، في بنوك خليجية.

 وقالت المصادر الإخبارية إنه، رغم رفض الحوثيين التدخل الدولي والإقليمي العربي في الشأن اليمني، كان زعيمهم عبد الملك الحوثي استقبل المبعوث الدولي جمال بنعمر في معقل الحوثيين في محافظة صعدة، لكن لم يتفق الحوثي مع بنعمر حول قبول لجنة العقوبات الدولية.

وفي وقت لاحق، رفض الحوثي مقابلة خبراء من لجنة العقوبات الدولية التي تأسست بناءً على قرار مجلس الأمن، لأن بياناً تحذيرياً سابقاً من مجلس الأمن كان توعد بوضع أسماء مقربة من الحوثي في قائمة العقوبات، ولأن مجلس الأمن كان طلب تسليم كل الأسلحة المتوسطة والثقيلة للجهات الأمنية والشرعية في اليمن، رغم أن المجلس لم يشر إلى اسم الحوثيين مباشرة في ذلك الوقت.

وقالت هذه المصادر الإخبارية إن هذا يدل على أن مجلس الأمن «لا يتبنى موقفاً سلبياً من الحركة الحوثية، ولا يعتبرها إرهابية، مثل تنظيم القاعدة».

وكان مجلس الأمن رحب بتعيين رئيس حكومة جديد في اليمن. وهدد، مرة أخرى، بفرض عقوبات على «الذين يعرقلون العملية الانتقالية الديمقراطية».

وقالت ذلك ماريا كريستينا بيرسيفال- سفيرة الأرجنتين لدى الأمم المتحدة، التي ترأست مجلس الأمن خلال شهر أكتوبر "تشرين الأول"- إن المجلس لم يتخذ أي قرار عن تفاصيل أسباب الاضطرابات، وعن فرض عقوبات موجهة ضدهم». وفي إجابة عن أسئلة الصحفيين حول أسباب ذلك، قالت إن العقوبات تحتاج إلى أدلة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد