أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في افتتاحيتها أمس أن اليمن الآن تواجه خطر التفكُّك، بعد أن أنقض المتمردون الطائفيون المدعومون من إيران على أجزاء واسعة من شمال البلاد، بينما قوى القاعدة تطوف في الجنوب.
وقالت الصحيفة: إن التركيز الضيق للعمليات الأميركية في اليمن ساعد في جعل الانهيار ممكناً. لقد أدارت إدارة أوباما عمليات عسكرية واسعة النطاق في اليمن، لكنها كانت تهدف بشكل صارم إلى تنفيذ غارات ضد عناصر القاعدة الذين يُعتقد أنهم يتآمرون ضد الولايات المتحدة. مشيرة إلى أن عدداً من المدربين الأميركيين عملوا مع قوات مكافحة الإرهاب اليمنية، لكنهم تحاشوا محاولة بناء جيش وطني يمكن الاعتماد عليه. وفي حين دبلوماسيون ومبعوثون أميركيون مثل مدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان قد ساعدوا في التوسط في عملية التحول السياسي التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد 33 عاماً من الحكم، قليل جداً من الموارد تم استغلالها في بناء المؤسسات السياسية اليمنية، مثل المحاكم والمجتمع المدني.
وذكرت الصحيفة أن إدارة أوباما تراقب الآن الوضع في اليمن بينما النظام السياسي والأمني الذي تدعمه بدأ في الفشل, مضيفةً: المتمردون المعروفون باسم الحوثيين، الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية، استولوا أولاً على العاصمة صنعاء في أواخر الشهر الماضي وفرضوا شروطهم على الرئيس المدعوم من الولايات المتحدة عبدربه منصور هادي.
و في الأيام الماضية استولوا أيضاً على ميناءٍ رئيسي على البحر الأحمر الذي يحتوي على أكبر مصفاة نفط في اليمن وهم مستمرون في التقدم جنوباٍ. وفي حين أن القوات الحكومية تنهار أو تختفي، فإن القاعدة توسِّع سيطرتها على أجزاء من الجنوب حيث تنتعش حركة الاستقلال هناك أيضاً.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قال: إن الإدارة الأميركية ليست متأكدة ما هي أهداف الحوثيين. ويعتقد المراقبون للوضع في اليمن أن الأهداف تتراوح بين الإجبار على إحداث تغييرات في النظام الفيدرالي المقترح للبلاد وبين خلق دولة جديدة تكون تحت سيطرة الحوثيين.
وأضافت الصحيفة: لكن عداء الحوثيين نحو الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين في المنطقة ليس محل شك. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن الحوثيين تلقَّوا عتاداً وتدريباً من إيران. وشعارهم المتضمِّن عبارة "الموت لأميركا" هو مأخوذ من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان.
السعودية، التي اشتركت في واحدة من حروب الحكومة اليمنية الست ضد الحوثيين قبل عام 2010، تعتبر حركة الحوثيين تهديداً رئيسياً لها.
وأوضحت الصحيفة أنه ينبغي أن تكون هناك إعادة نظر في نموذج إدارة أوباما نحو التهديدات التي تفرضها الحركات الجهادية، لاسيما فيما يتعلق بالتركيز الضيق في تقديم التدريب والمشورة للقوات المحلية وعدم بذل جهد للمساعدة في بناء المؤسسات الوطنية، مؤكدة أن التدخلات التي تتجاهل الحاجة إلى خلق أنظمة سياسية فعَّالة وقوات مهنية يمكنها ضمان الأمن الداخلي, هي فقط تفتح الباب أمام فشل الدول وتُلقي الضوء فقط على التهديدات الموجهة نحو الولايات المتحدة.