الجرعة.. مقايضة الفساد بخبز الفقراء !

متى يتوحد الجياع ضد الفساد والمفسدين وتجار الحروب؟

2014-08-10 14:21:20 أخبار اليوم الاقتصادي/ نبيل الشرعبي- عمر عبدالملك

بكل بساطة أكدت حكومة الوفاق الأربعاء قبل الماضي، أنها كانت تمارس الكذب والتضليل على الشعب اليمني، منذ تربعت كرسي إدارة البلد بالأزمات التي جرته إلى الهاوية، ولذلك صار من الواجب على الشعب اليمني عدم إبدا حتى مجرد التفكير في تقديم الاحترام لها.

ولكونها لا تحترم نفسها ولا تعي ما الذي تفعله، ظلت تصر على احتراف مهنة الكذب، قبل أن تعلن وبقرار جمهوري أنها كاذبة، وأن الحديث عن عزمها رفع دعم المشتقات النفطية حقيقة، إذ أعلنت رفع الدعم وفي يوم عيد، لتحيل فرحة الشعب اليمني المتواضعة إلى مأساة.

الشعب سيد نفسه

قبل أن يبدأ حديثه عن قرار رفع دعم المشتقات النفطية، قال البروفيسور وزير المالية الأسبق أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور سيف العسلي: الشعب سيد نفسه وأنا لست وصياً عليه ولا أحرضه ولا أحدد له ما يريد, وأنا أقول كلامي هذا كخبير للشعب وإن قبل هذا خياره وإن رفض فهذا خياره.

وحيال القرار يقول العسلي: إن حكومة الوفاق والنظام لم يكونا موفقين في القرار الصادر يوم الأربعاء الــ30من يونيو لعامنا الجاري، بتحرير أسعار المشتقات النفطية، وسينعكس هذا القرار عليهما سلباً فقد صاحبته أخطاء عديدة فنية وسياسية.

ويضيف العسلي: للأسف الشديد، النظام أطلق رصاصة العذاب على الشعب، متوقعاً أن يرد عليه شعبه برصاصة الرحمة وأن هذا لن يؤدي إلى التناسق"، والأخطر القادم بما سيحمله لنا من مشروع، في الأصل سيكون مشروع عصابة وليس مشروع دولة.

اقتراب ساعة المحاسبة

 وحسب العسلي, على هذا النظام أن يدرك ويعي ومثله حكومة الوفاق، أن ساعة محاسبتهما قد اقتربت، إذ أنه بسببهما تحولت اليمن كأول دولة في العالم تحولت إلى مصاص دماء.. حيث أن أموال رفع الدعم عن المشتقات النفطية ستذهب لتمويل الفساد ولن تذهب إلى التنمية"، ولذلك أنصح الدولة وحكومة الوفاق، بأن يقدما استقالتهما لأن الشعب لن يدعهما، حتى ولو مستقبلاَ.

وفي قراءته لقرار الحكومة الرامي إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية، من حيث المصوغات والأهداف والأبعاد والدلالات والنتائج؛ قال العسلي:" للأسف الشديد وجدنا أن هذا النظام قد أطلق رصاصة العذاب على شعبه متوقعاً أن شعبه سيرد عليه برصاصة الرحمة، وكلن هذا لن يؤدي إلى التناسق بين فعلين.

وأفاد العسلي بأنه تم اتخاذ القرار ولازمه ارتكاب أخطاء عديدة وسلبيات أهمها أخطاء فنية والمتمثلة في عدم إيجاد جهة واحدة تشرف على عمليات المشتقات النفطية استيراداً وتصريفاً وبيعاً في الآلية الحالية هناك تشارك بين ثلاث جهات على الأقل مرتبطة بالمشتقات النفطية وهي وزارة المالية وشركة مصافي عدن وشركة النفط، في ظل عدم وجود آلية تضمن توفير الكميات المطلوبة للأسواق لتناقض اختصاصات هذه الجهات، وهناك عملية حساب بين نفقات النفط من المناطق القريبة من الموانئ والمناطق البعيدة، أوجدت آلية لتغيير السعر وبالتالي التغير بالأسعار الدولية.

تفريخ بؤر فساد

ويؤكد العسلي بأن هذا سوف يؤدي إلى تفريخ بؤر فساد جديدة، وتحميل المواطن أعباء مادية أكبر من السعر الدولي، وليس هذا فحسب بل لازم توقيت القرار خطأ سياسي، تمثل في عدم مراعاة أوضاع الناس الحالية، خاصة وأن توقيت صدوره جاء بعد شهر رمضان، ناهيك عن عدم وجود تصور لدى صانعي القرار، إلى أين ستذهب هذه الموارد والعائدات؟!"

وبكل تأكيد المواطن سيتحمل عبء الزيادة السعرية، والتي لن تذهب إلا إلى أيدي الفساد، حد قول العسلي، مضيفاَ وبذلك فإني أعتقد أن الحكومة والنظام لم يكونا موفقين في هذا الأمر, وبالتالي فإنه سينعكس عليهم سلباً وسوف يؤدي إلى إسقاطهم عاجلاً أو آجلاً, والشعب يصبر ويصبر ولكنه لا يوهن وربما ساعة محاسبة هذا النظام قد اقتربت، مع أننا لا نتمنى له هذا المصير, ولكن النظام والحكومة هما من اختاروا لأنفسهم ذلك.

وأكد العسلي أنه لا يوجد سعر دولي موحد للمشتقات النفطية في العالم, لأن السعر يعتمد على عوامل كثيرة منها منابع خام المشتقات وبعدها أو قربها من المصافي وبعد مناطق الاستيراد أو قربها من الموانئ، ولا يوجد هناك سعر دولي موحد والأسعار العالمية متفاوتة، فهناك سعر دولي للمشتقات في ميناء التصدير، وسعر في ميناء الاستيراد، لكن الأسعار تختلف في ظل وجود منافسة وسوق وعرض وطلب, وبذلك لن يكون هناك تحرير، بل احتكار للسعر من الدولة, وهذا ضد الاقتصاد وضد المنطق وضد الإدارة.

لن تجني الكثير

وأشار العسلي إلى أن الحكومة هذه ستفاجأ بخطأ قرارها وأنها واهمة و لن تجني الشيء الكثير من هذه الزيادة, لأنها فقط حاولت أن تعاقب مواطنيها ومعظم هذه الموارد ستذهب لتغذية بؤر الفساد المتمثل في شركات النفط والجهات ذات الصلة، وشركات القطاع الخاص الناقلة والمحطات، وإن ذهبت إلى خزينة الدولة فإنه لن يتم استخدامها في التنمية، والمواطن المسكين سيتحملها والوطن سيحصد الويلات.

وعليه أنصح الحكومة أولاً أن تصدر قانوناً منظماً وشروطاً لعمليات استيراد وبيع وتوزيع المشتقات النفطية, بما في ذلك دخول القطاع الخاص في العملية, وبما يراعي ضمان المنافسة ووجود مخزون استراتيجي, وأن لا يكون هناك غش في الكميات، ثم بعد ذلك يمكن تحويله إلى القطاع الخاص لفترة.

جاء متسرعاً

وإن نجح ذلك فإنه يمكن أن يكون التحرير وفقاً للنتائج, ورفعه بمقدار معين سيجعل المواطن يلمس عائداته انعكست عليه إيجابا، ولًكن هذا لن يكون حاصل لأن القرار جاء متسرعاً، وليس من الحكمة أن يكون هذا بهذه السرعة القياسية ويتم تحريره بهذه السرعة وبأكثر من الأسعار الدولية, خاصة في ظل مجتمع فقير ولا يوجد ضمان اجتماعي سليم ولا يوجد دعم لأي سلعة.

ووفقاً للعسلي يمثل غياب الدعم الحكومي في عدد من المجالات والسلع للمواطن، في ظل هذا القرار حالة خاصة باليمن، إذ كل دول العالم تدعم مواطنيها، وفي المقابل ستكون اليمن أول دولة في العالم لا تدعم مواطنيها أبداً، ولا تكتفي بعدم دعمهم بل تقوم بابتزازهم، متخلية عن مسئوليتها في معالجات الفقر والمعوزين، وتحولت إلى أول دولة في العالم مصاصة دماء، وهذا مشروع عصابة وليس مشروع دولة.

من يدفع الثمن؟

وتحت عنوان "من يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن"؟ قال الدكتور محمد نائف، قبل الإجابة على السؤال المطروح في العنوان أعلاه لا بد أولاً من طرح الأسئلة التالية ومحاولة الإجابة عليها حتى نصل إلى إجابة شافية ووافية ومنطقية إلى حدٍ ما.

أولاَ: هل يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن الأغنياء والمتنفذون وأصحاب المال والسلطة والجاه؟ الإجابة هي قطعياً، لا. هؤلاء إما انهم يحصلون على المشتقات النفطية مجاناً من الدولة أو أن لهم حصة فيها ومستفيدون سواءً ارتفعت أسعار المشتقات النفطية أم لم ترتفع أو أنهم من الأغنياء المترفين القادرين على دفع فارق الأسعار دون أن يهتز لهم رمش أو ترف لهم عين.

ثانياً: هل يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن كبار موظفي الدولة؟ بالتأكيد، لا. هؤلاء يحصلون على المشتقات النفطية مجاناً من الدولة وربما يتاجرون ببعضها فهي مصدر دخل إضافي لهم. لذا، هؤلاء لن يتأثروا سلباً برفع الدعم عن المشتقات النفطية، بل على العكس فهم قد يستفيدون من بيع ما يفيض عن حاجتهم بالأسعار الجديدة ويحققون أرباحاً جراء ذلك.

ثالثاً: هل يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن التجار ورجال الأعمال؟ الإجابة على هذا السؤال، لا. هؤلاء سيرفعون أسعار خدماتهم وسلعهم ومنتجاتهم لمواجهة رفع الدعم هذا إن لم يكونوا قد رفعوها سلفاً في الأشهر الماضية تحسباً لمثل هذه الإجراءات. بناءً على ذلك ومن هذا المنطلق فهم لن يدفعوا ثمن أي شيء ولن يخسروا أي شيء لأن المواطن اليمني البسيط سيتحمل مكرهاً تبعات رفع هذا الدعم نيابة عنهم.

وبناءً عليه كما يفيد الدكتور محمد نائف، فإن الإجابة القطعية على سؤال: من يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن؛ هم المواطنون اليمنيون الذين لا دخل ولا مصدر رزق ثابت لهم والموظفون أصحاب الدخل المحدود الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

وحسب الدكتور نائف صحيح أن الحكومة عبر "مصادرها الخفية" قد بدأت على استحياء تُسرب إشاعات أنها سترفع المرتبات والأجور لموظفيها المدنيين والعسكريين لمواجهة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، غير أننا نطرح في هذا الصدد أسئلة أخرى بسيطة: كم عدد موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين؟ لنفترض "مليون- مليونين- ثلاثة"، إذاَ كم ستكون نسبة الارتفاع في المرتبات والأجور؟ وهل ستوازي نسبة ارتفاع المشتقات النفطية؟.

والسؤال الأهم، ماذا سيحدث لما تبقى من مواطني الجمهورية اليمنية الخمسة والعشرين مليون الآخرين؟ وكيف سيواجهون رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي سيرافقه ارتفاع في الأسعار في كل شيء.. كل شيء؟ وهنا سأترك لكم ولخيالكم تصور الإجابة على هذا السؤال الأخير.

وحد إفادة الدكتور نائف، إذا كان وبلا شك رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن، ضرورة وإجراء اقتصادي لا بد ولا مفر منه، وقد لا نختلف عليه أو نتوقف عنده كثيراً، غير أن هذا الإجراء كان يجب أن يُدرس بحكمة وبعناية فائقة ويُناقش نقاشاً مستفيضاً حتى يتم الإعداد له بصورة جيدة لمواجهة تبعاته.

ولكن الحاصل هو أن هذا القرار طُبخ بليل وصدر على استحياء بعد منتصف ليل الثلاثاء التاسع والعشرين من يوليو الماضي، ليفاجأ المواطنون باضطرابات ومظاهرات وثورة إحراق "إطارات" جديدة، ويتسأل الدكتور نائف هل يا ترى هذه هي الطريقة المثلى لإدارة شؤون الدول في القرن الواحد والعشرين؟

ثم يجيب بالطبع لا، فالحكومات التي تحترم مواطنيها تتعامل معهم بشفافية وتطلعهم على ما تنوي القيام به من إجراءات اقتصادية بدلاً من التواري عن الأنظار والاعتماد على نشر الإشاعات من أجل جس نبض الشارع، فقبل الشروع بإصدار القرار كان بالإمكان رفع المرتبات والأجور وبعدها رفع الدعم عن المشتقات النفطية بصورة تدريجية بحيث يشعر المواطن أن هذه الحكومة تقدر العواقب الوخيمة لمثل هذه الإجراءات عليه، وتقلل من حجم تبعاتها على الحكومة ذاتها، وتقطع الطريق على من يحاول الاصطياد في المياه العكرة.

استهلاك

ويستهلك اليمنيون من البنزين سنويا نحو 17مليون برميل تقريباً وهذا حسب إحصائيات 2013م من شركة النفط والبنك المركزي فحين تؤكد مصادر أخرى أن الاستهلاك من البنزين يصل إلى 7.5 ملايين برميل والباقي مشتقات أخرى كالديزل والمازوت، فيما يقول البنك المركزي اليمني في سجلاته إن كمية استهلاك السوق المحلية من النفط بنهاية النصف الأول من العام الجاري بلغت 6ر10 ملاين برميل .

وتظهر إحصاءات رسمية أن الكمية المستوردة من مادة البنزين خلال العام 2013م بلغت 11 مليوناً 878 ألف برميل تم استيرادها من ثلاث دول هي الإمارات العربية المتحدة وهولندا وسويسرا بخلاف المرسل من النفط المخصص للاستهلاك المحلي من حقول مأرب، وحسب بيانات حديثة من الإدارة العامة لإحصاءات التجارة بلغت قيمة واردات البنزين 303 مليارات 244 مليون ريال ارتفاعا من 193 مليار ريال في 2012م أي بزيادة تفوق110 مليارات ريال .

الى ذلك يشير البنك المركزي إلى أن صادرات النفط اليمنية تأثرت بشدة جراء توقف ضخ نفط مأرب نتيجة الأعمال التخريبية التي تعرض لها الأنبوب الذي تتم عبره عملية الضخ، من وقت لآخر، مما أضطر الحكومة إلى تغطية النقص من خلال الاستيراد، وهو ما رفع حجم المبلغ الذي قام البنك المركزي بتغطيته لشراء هذه المشتقات.

وبحسب البنك المركزي سجلت إيرادات اليمن من صادرات النفط انخفاضاً حاداً غير مسبوق إلى 44.17 مليون دولار في نهاية مارس الماضي، بانخفاض 80% عن الفترة المقابلة من العام الماضي، وأعلن البنك المركزي أن اليمن خسر خلال الربع الأول من العام الجاري 2014، نحو 3.3 مليون برميل من النفط، جراء التفجيرات المستمرة التي تطال أنابيب النفط على يد المخربين والجماعات الإرهابية ، وهو ما تسبب في تراجع عائدات الدولة من الصادرات النفطية.

ويقول البنك: إنه اضطر لدفع فاتورة الاستيراد للمشتقات النفطية بقيمة 975 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري لتعويض الفاقد في الإنتاج المحلي، وتحدث تقريراً حكومياً عن انفاق الحكومة خلال العشر السنوات الماضية (22 مليار دولار)، كدعم للمشتقات النفطية، وجاء نشر التقرير بعد ساعات من إقرار الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، الذي صاحبه احتجاجات في مدن مختلفة للتنديد برفع أسعار المشتقات النفطية.

وقال التقرير- الذي صدر عن وزارة المالية- إن الدولة تنفق مبالغ هائلة على دعم المشتقات النفطية سنويا، وبلغ إجمالي ما أنفقته الدولة في هذا الشأن خلال الأشهر المنصرمة من العام الجاري 2014م حوالي 656 مليار ريال أي ما يساوي حوالي ( 3 مليارات دولار) وهو ما شكل نسبة 20بالمائة من إجمالي النفقات العامة لموازنة الدولة.

أين ما أستحوذ عليه الفساد؟

وبالتمعن في التقرير، يكتشف الشخص أن هذه الحكومة لا تخجل من التوغل الكبير في الاستخفاف بالشعب اليمني، ومما يبرهن على ذلك: هو أن وزارة –المالية، التي أصدرت التقرير هذا، هي نفس الوزارة التي ظلت تنكر وجود أي توجه حكومي نحو رفع دعم المشتقات النفطية طيلة أكثر من عامين، وكذلك الوكالة التي نشرته، هي نفس الوكالة التي كانت تؤدي نفس دور وزارة المالية.

كما يكشف التقرير على حقيقة عدم امتلاك حكومة الوفاق وكذلك رئيس الدولة أية رؤية لإدارة البلد، إذ أوضح التقرير أن انفاق هذه المبالغ على دعم المشتقات قد جعل الاقتصاد اليمني في مرحلة حرجة و مستوى خطير جدا، إذ تسبب في حدوث عجز مقداره 1,067 ترليون ريال (حوالي 5 مليار دولار) وبنسبة 13% من الناتج المحلي.

وفيما وقف التقرير على مبلغ حوالي 5مليارات دولار، قال التقرير إنها ذهبت لدعم المشتقات النفطية خلال عشر سنوات، لم يشر التقرير إلى ما استحوذ عليه الفساد، والثروات والموارد المهدرة ... إلخ، التي فقدها اليمن بسبب الفساد، خلال العامين وقدرها تقريري الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لعامي 2012- 2013، بحوالي 27 مليار دولار.

إفلاس حكومي

ووصف خبراء اقتصاد تقرير وزارة المالية بالفلتة، وأنه برهن على حقيقة إفلاس حكومة الوفاق، وعدم امتلاكها أي رؤية لإدارة البلد، والأخطر عدم رغبتها في تجفيف منابع الفساد، وإصلاح المنظومة العامة للبلد، وإلا لكانت وقفت أولاً على ما يتفرد به الفساد والذي بلغ خلال العامين الماضين حوالي 27 مليار دولار، وبتأكيد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وأيده البرلمان.

واستهجن الخبراء ذهاب تقرير المالية إلى القول بأن رفع الدعم عن المشتقات النفطية وبصورة عاجلة أصبح ضرورة وطنية حتمية لتلافي وصول البلد إلى حالة الانهيار الاقتصادي، أن المبالغ الهائلة التي سيتم توفيرها بعد رفع الدعم يمكن توجيهها إلى تحسين خدمات التعليم والصحة والأمن وكذلك الاستثمار في البنى التحتية وخلق الوظائف.

الموازنات المهدرة

وفي المقابل عدم تطرق هذا التقرير، إلى ما تسبب الفساد في ضياعه وحرمان البلد والتنمية منه، مع أنه كان الأولى أن يقف هذا التقرير على الموازنات المهدرة والموارد غير المستغلة والنفقات بالمخالفة للقانون ووو ..إلخ، وحسب الخبراء من المعيب جدا أن تذهب حكومة بلد إلى هكذا تبرير، في حين كان يتوجب عليها أن تقف على أمور أكثر حساسية وجدية وغاية في الأهمية.

وتسأل الخبراء ما معنى أن تقول حكومة الوفاق، بأن دعم المشتقات النفطية خلال عشر سنوات، كلف البلد حوالي 22مليار دولار، أي ما يعادل في العام الواحد مليارين ومائتين مليون دولار، مع أنها تعلم أن ما يوازي ثلث إلى نصف المبلغ يذهب إلى جهات وأشخاص مخولين بعملية استيراد المشتقات النفطية، فيما الدعم الفعلي أقل من ذلك بكثير جدا، وفوق هذا أصرت على محاكمة الشعب والاقتطاع من ثمن خبزه، كإجراء عقابي على بؤر الفساد.

بدائل

ويقول المهندس/ عبدالله الغيلي: انطلاقاً من التخبط والتضارب الكبير الذي كانت وما زالت حكومة الوفاق تعيشه, في مجال رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وتزايد حدة عجز الموازنة العامة للدولة، وما يرافق ذلك من بروز أزمات متوالية في المشتقات النفطية.

كان ولابد من هذا التناول، وتوجيه رسالة إلى الرئيس/ عبد ربه منصور هادي، للتأكيد له بأن رفع الدعم عن المشتقات النفطية إذا كان سيحل مشكلة العجز، فإن اتخاذه قرار الرفع في محله، أما إذا كان لن يحدث أي تغير، فالأصل كان ألا يصدره، كونه سيعمل على مضاعفة إرهاق المواطن، هذا من جانب, ومن جانب آخر وكما أثبتت التجارب السابقة، فإن رفع الدعم والذي كانت حكومة الوفاق قد شرعت به في العام 2011م، لم يحدث أي تغير أو تحسن ولذلك فإن الرئيس هادي ملزم بعد قبول رفع الدعم.

وعلى ذات الصعيد نقول إذا كانت المشكلة في كيفية حل مسألة عجز الموازنة، فإننا نؤكد بأن هناك بدائل كثيرة لسد العجز، ومن أبرز تلك البدائل..

أولاً: استصدار تشريع فوري، يضمن توريد المحصل من ضرائب القات إلى الخزينة العامة للدولة، حيث وأن هذا النوع من الضرائب لا يوجد في أي دولة في العالم غير اليمن، ولذا يجب الاستفادة منه، كون العائد منها إذا تم تحسين وضمان تحصيلها قد يصل في العام إلى "مائة مليار ريال".

والبديل الثاني: إلزام شركات النفط والموزعين الرئيسيين للمشتقات النفطية، بتسليم النسبة المخصصة لدعم الشباب والرياضة وهي مبلغ "خمسة ريالات عن كل لتر"، وهذه هي الأخرى بالإمكان أن تستفيد منها الدولة في سد العجز القائم في الموازنة العامة للدولة، ولو في المجال الخاص بالشباب والرياضة.

والبديل الثالث: تنظيم وتحصيل رسوم فرز النقل في جميع المحافظات والتي وقد تحقق عائدات تقارب الخمسين مليار سنوياً إذا تم، تحسين آليات عمل التحصيل، وإقرارها وتحصيلها بموجب لائحة قانونية نافذة وملزمة.

البديل الرابع: استصدار تشريع أو لائحة قانونية تلزم الجهات المعنية بتوريد المبالغ التي يجري خصمها بنسب مختلفة من أسعار تذاكر السفر، وبالإمكان توفير مبلغ قد يصل إلى عشرة مليارات ريال سنوياً، ناهيك عن المبالغ المحصلة عن الرسائل والطرود البريدية وغيرها.

البديل الخامس: إلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية ومكافحة التهرب الضريبي، وكذلك توريد المبالغ التي يجري استلامها مقابل الدخول في المناقصات إلى الخزينة العامة للدولة، وفي هذا المجال قد يصل ما سيتم توريده إلى الخزينة العامة للدولة حوالي تريليون ريال أي نصف الموازنة العامة للدولة.

البديل السادس: الاستفادة من مواقف السيارات، أي تكليف الوزارة المعنية بتحديد أماكن للوقوف المجاني والباقي مواقف مدفوعة الأجر كما هو سائد في كثير من دول العالم، وهذا قد يحقق عائدات بأكثر من خمسة مليارات سنوياً، وليس هذا فحسب بل سيستوعب العمل في هذا المجال ألاف من الأيدي العاملة.

البديل السابع: إلزام شركات الصرافة والبنوك بدفع نسبة 5 بالمئة من رسوم الحوالات المالية، إلى الخزينة العامة للدولة وكذلك البريد، وهذا التوجه سيوفر ما يقارب التسعة إلى الاثني عشر مليار ريال سنوياً وربما قد يزيد عن ذلك.

البديل الثامن: تفعيل لائحة الدعاية والإعلان، وتحصيل الرسوم المتوجبة على اللوحات الإعلانية وتوريد المبالغ المحصلة إلى الخزينة العامة وهذا على أقل تقدير قد يحقق عائدات بأكثر من خمسة عشر مليار ريال سنوياً.

البديل التاسع: تحصيل رسوم صالات وقاعات الأفراح والمؤتمرات وغيرها، إضافة إلى الرسوم المقرة على شركة السفر والسياحة والحج والعمرة، والتوظيف وغيرها ناهيك عن رسوم المهن المختلفة.

البديل العاشر: استصدار قانون بضرائب العقارات وإعداد آلية عمل فعلية لضمان تحصيلها وتوريدها إلى الخزينة العامة للدولة، وهذه البدائل العشر لا تستهدف قوت المواطن الفقير وسيتحقق منها مجتمعة ما يوازي الموازنة للعام الحالي، وبدلاً من أن تكون الموازنة ترليون تصبح أربعة تريليونات وبدون عجز.

وهذا فقط شيء بسيط للغاية، فيما هناك بدائل كثيرة، وهي خارج عن موارد النفط والغاز والمعدات والثروة السمكية والضرائب والجمارك والتجارة والصناعة وما يستنزفه الفساد والتجاوزات المالية التي تصدر بالمليارات وغيرها من عمليات التلاعب والإهدار، فهل يستجيب الرئيس هادي، ويعمل بذلك.

صعوبة التحول

وتحت عنوان "رفع الدعم عن المشتقات النفطية.. صعوبة التحول وضرورة الإصلاحات"، طالب مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإصلاحات إدارية شاملة في الجهاز الإداري الفاشل لإدارة المؤسسات الحكومية ومن ثم الإصلاحات السعرية في اطار حزمة الإصلاحات الاقتصادية المتكاملة.

وأوضح المركز أن أسعار المشتقات النفطية شهدت ارتفاعات وأزمات وانقطاعات متكررة ومتتالية غير مسبوقة منذ عدة اشهر ليعيش المواطن في خوف وهلع مستمر، وأقدمت حكومة الوفاق الوطني هذا اليوم على رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية ليرتفع سعر البنزين من 2500 ريال إلى 4000 ريال وبنسبة زيادة 60%، بينما ارتفع سعر الديزل من 2000 ريال إلى 3900 ريال وبنسبة زيادة 95% في نهاية يونيو 2014 مقارنة بـ يونيو 2014م.

سعرية بحتة

ويضيف المركز في الوقت الذي سيؤدي رفع الدعم عن النفط إلى تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية وزيادة الإيرادات وتخفيض عجز الموازنة العامة والحفاظ على مستوى العملة المحلية ومكافحة التهريب وفساد الأموال التي تذهب إلى جيوب المنفذين لكن هذه السياسات المتبعة هي "سعرية بحته" لا تراعي ما سينجم عنها من آثار سلبية على المواطن، وبالتالي فان الحكومة تقوم بنقل أزمة العجز المستديم "من ميزانية الدولة إلى ميزانية الأسرة، بمعنى ترحيل العجز المالي من الدولة إلى المواطنين".

كما أن هذه الإصلاحات السعرية بمفردها دون أن يرافقها إصلاحات اقتصادية وإدارية حقيقية لن تؤتي ثمارها وذلك أن الأموال التي كانت تذهب لدعم المشتقات النفطية ستذهب لطابور كبير من الفاسدين في الجهاز الإداري للدولة.

ويشير المركز إلى أن اكثر من نصف السكان لا يحصلون على الغذاء الكافي، ومعدل سوء التغذية بين الأطفال نحو 59%، ونسبة الفقر 44%، ومعدل البطالة تقارب 60%، وتراجع الدخل الحقيقي للفرد إلى اقل من 2 دولار في اليوم. وان الزيادة الحالية ستزيد من سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية وزيادة أعداد الفقراء.

ارتفاع أسعار السلع

ويؤكد المركز أن أي تغيير في أسعار وكميات المشتقات النفطية سيؤدي إلى تغيرات في مختلف الأنشطة الاقتصادية والنواحي الحياتية وان ارتفاع أسعارها ستؤدي إلى ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات وارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي ووسائل النقل، وبالتالي التأثير على حياة جميع أفراد المجتمع.

ويرى المركز أن التراجع عن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية يعني استمرار الاقتصاد اليمني في طريق الانهيار، اذا لم يتم رفع الدعم فان الجميع سيتأثر وبشكل كبير وربما يصل الاقتصاد اليمني إلى مرحلة خطيرة جدا من الانهيار، وبانهيار الاقتصاد لا يستبعد انهيار التسوية السياسية وبالتالي انهيار الدولة وسيادة الفوضى في البلاد.

وختاما يقول المركز إن رفع الدعم دون اتخاذ إجراءات جادة في الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد المالي والإداري وبقاء الفاسدين في مناصبهم دون محاسبة لن يؤدي إلى تحسن الاقتصاد، وهنا ما هي خيارات الدولة لوقف الانهيار الاقتصادي، ودفع عجلة النمو الاقتصادي؟ وهل استنفدت الدولة جميع خياراتها لرفد الخزينة العامة وتغطية العجز؟ ولم يكن أمامها سوى رفع الدعم؟ أسئلة مطروحة للنقاش.

لك الله أيها المواطن اليمني

وقال الدكتور عادل الشرجبي، حول رفع الدعم ترفع الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية، فيتضرر المواطن الفقير، أما المسئولين فيحصلون على المشتقات النفطية مجاناً، وأضاف الدكتور/ عادل الشرجبي في صفحته على الفيس بوك، بأن تقاتل الجماعات المسلحة يقتل أبناء القبائل البسطاء. ولا يمس تجار الحروب بسوء، ويخرج الشعب في ثورة فيستشهد الشباب من أبناء الفلاحين والعمال والطبقة المتوسطة، ويستفيد المتنفذون من التسويات، ويظل الفاسدون في مناصبهم.

وتسأل الشرجبي فمتى يعرف المواطن اليمني حقه ويقف ضد الفساد والمفسدين وتجار الحروب؟، متى يتوحد الفقراء من مختلف المناطق والمحافظات القبائل والمهن والأحزاب والأيديولوجيات والجماعات المذهبية والطائفية، ضد المتنفذين والفاسدين، ويضغطون على الحكومة لتعديل سياساتها؟.

وحسب الشرجبي يذكر في تقارير عن اهم مشاكل الاقتصاد اليمني بأن هناك توقعات أن يجري استخدام جزء من الغاز في إنتاج الكهرباء، وهو القطاع الذي يعتمد بشكل كبير على قطاع النفط في اليمن. ويمثل نقص الطاقة مشكلة دائمة في اليمن، حيث يستفيد أقل من 50 في المائة من السكان من الطاقة الكهربائية.

 ويبدو اللجوء إلى إنتاج الكهرباء من المولدات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح مكلفا للغاية لحل تلك المشكلة في المدى القصير، ويضيف الشرجبي يرى بعض المحللين للشأن اليمني أن المشكلة الأكثر إلحاحا لا تتمثل في تراجع احتياطيات اليمن من النفط، بل في استنزاف موارد المياه.

وتقول هيلين لاكنر، الخبيرة في الشؤون اليمنية والمتخصصة في قضايا التنمية الريفية وإدارة المياه، بأن 70 في المائة من سكان اليمن يعيشون في مناطق ريفية، 47 في المائة منهم فقط يحصلون على مياه صالحة للشرب.

غير أن الوضع يزداد سوءا مع التغير المتزايد وغير المتوقع في أنماط الطقس، بما في ذلك موجات الجفاف الشديد والأمطار الغزيرة التي تشهدها بعض المناطق. ويلقى عشرات اليمنيين حتفهم كل عام بسبب الصراعات المرتبطة بالسيطرة على المناطق التي تتوفر بها المياه. وخلال سنوات قليلة، من الممكن أن تصبح صنعاء أول عواصم العالم التي تشهد اختفاء موارد المياه

جرعة هادي وإحراق ثقافة الخنوع

ويقول د. محمد الظاهري إنَّ الاكتفاء بإحراق الإطارات في بعض شوارع صنعاء, هو فعلٌ احتجاجي آني, أقرب إلى (التنفيس) منه إلى (التغيير)!، وإنَّ المطلوب (إحراق) ثقافة الخنوع, وتجفيف منابع ثقافة التزلف, والتعصب الحزبي, والطائفي, والسلالي؛ عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وفي هذا الصدد, أُذّكِر بما كنت قد نبهت إليه سابقًا: بضرورة إيجاد مؤسسات حديثة لا عصبيات مصطنعة, وتسامح سياسي لا ثأر سياسي, والاعتراف بالآخر لا نفيه, ومشاركة سياسية لا تعبئة سياسية!.

نعم لحضور تنوع سياسي لا استقطاب اجتماعي, وتعايش مجتمعي لا نزاعات قبلية, وثقة سياسية لا شك سياسي, وفاعلية حزبية لا أبوية حزبية مُكبِلة, واقتدار سياسي لا عجز نخبوي وحركي!

وفي هذا الصدد, أقول لماضغي (القات) ومتناوليه؛ باعتبار شجرة القات إحدى روافد القابلية لعيش حياةٍ منزوعة الحقوق والحريات, والتكيف مع واقعٍ يمانٍ شديد السوء.. فيأيها (المخزنون), اعلموا أنَّ هذه الشجرة أو "الشيطان الأخضر", وفقاً لتوصيف أبي الأحرار الشهيد الزبيري؛ يجعل الكثير منكم يقبلون بحياةٍ منقوصة الحقوق والحريات, بحيث تغدون بمثابة أسارى لسويعات متوهمة بالسعادة, وفريسة لـ(سراب تغييري), هو لأحلام اليقظة أقرب!.

أما أنتم, يا متخذو قرار رفع (أسعار) المشتقات النفطية, فقد كان الأولى بكم القيام بإصلاحٍ سياسي واقتصادي وإداري شامل, قبل (إصلاحاتكم السعرية)؛ فقد (سَعَّرتم) الحرب ضد غالبية أبناء شعبنا الفقير الصبور, عبر رفعكم أسعار البترول ومشتقاته! وأنحزتم لصالح أغنياء المخاطرة, والفاسدين!.

يا قادة الرأي: كونوا قادةً؛ وقوموا بمهامكم.. يا رؤساء الأحزاب: كونوا أوفياء لنظمكم الأساسية ولوائحكم الداخلية, ووعودكم لكوادركم الحزبية الوفية المخلصة.. أيها اليمنيون: تذكروا أنكم شعبٌ عريق, ساهم في بناء الحضارة الإنسانية؛ فكونوا شعباً حياً؛ يستأسد حينما تُنتَّهك حقوقه, وتُسلب حريته, وتُجرح كرامته.. فهَلاَّ فعلتم.

إعادة النظر

ومن جانبه قال الاتحاد العام لنقابة عمال اليمن لقد تابعنا بقلق بالغ القرار الصادر عن رفض الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن الجرعة السعرية التي أقرتها الحكومة، مطالباً الحكومة بإعادة النظر فيها، واكد الاتحاد في بيان في حال عدم إعادة النظر من قبل الحكومة في هذه الجرعة فإن الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن سيتخذ ما يراه مناسباً.

و طالب البيان قيادات النقابات العامة و فروع الاتحاد في المحافظات لعقد اجتماعات متواصلة في مواقعهم ، داعيا منظمات المجتمع المدني و كافة شرائح المجتمع للوقوف أمام هذا القرار، كما اكد البيان على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية للبدء بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني

وقال مصدر نقابي كبير من عدن إن هذا البيان بالرغم عدم تلبية لطموح الشعب ولكن يعتبر تطور إيجابي يحسب للاتحاد العام، وأضاف أن منظمات المجتمع المدني سترفض القرار بشدة مما سيولد قوة ستركع حكومة الوفاق على إرجاع السعر القديم.

حقوق الإنسان

وقال بيان صادر عن مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، بهذا الخصوص، بالقدر الذي يجد فيه مركز اليمن هذا القرار إجراء لوقف الفساد المرتبط بتهريب المشتقات النفطية .. إلا أننا في ذات الوقت نقول لقد كان على الحكومة أن تقوم بوضع إجرائها هذه ضمن مصفوفة تتضمن مكافحة حقيقة للفساد والفاسدين ليس في مجال تهريب مشتقات النفط فقط ، ولكن في مجال استخراج النفط وبيعه والعلاقة مع الشركات المنقبة والخدمية المرتبطة .. وكذا في مجال استخراج الغاز واتفاقيات بيعه والتصرف فيه.

وأضاف اليان لقد تضمنت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قرارات وخطوات هامة تتعلق بمكافحة الفساد والفاسدين الذين يعبثون بالمال العام ويستغلون الوظيفة الحكومية ونفوذهم في المجتمع، وهنا كان يفترض أن يترافق مع الإجراء الحكومي هذا بإلغاء الدعم إجراءات جادة في تنفيذ ما تضمنته وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في مجال مكافحة الفساد والفاسدين وحماية المال العام والوظيفة العامة واحترام حقوق الإنسان.

ولفت إلى أن المصفوفة التي صدرت عن رئاسة الجمهورية والمتضمنة مجموعة من الإجراءات لن تجد طريقها للتنفيذ لغياب الخطوات والإجراءات التنفيذية الواضحة والجهات الموكل لها متابعة ومراقبة التنفيذ، والتي يفترض أن تكون لمنظمات المجتمع المدني حضور واسع فيها .

وحسب البيان جاء القرار الحكومي برفع الدعم عن المشتقات النفطية دون إجراءات حقيقية واثقة لمكافحة الفساد والفاسدين وإحالة من كانوا وراء المتاجرة والتهريب للمشتقات النفطية ودون إرفاقه بخطوات لتحسين أوضاع الموظفين والعمال والجنود من وأفراد القوات المسلحة والأمن وإعانة الشباب والشابات الذين لم يجدوا مجالا للوظيفة والعمل رغم مرور سنوات على تخرجهم وإنهائهم لدراساتهم .. إلخ.

نود أن نسأل ونتساءل

وتساءل المركز هل يعلم أصحاب القرار الحكومي وأحزابها أن نفقات انتقال الطالبات والطلاب من مساكنهم إلى مواقع دراساتهم ستكلف مبالغ ﻻ طائل و ﻻ مقدرة لمعظمهم في توفيرها.. وان ذلك سيؤدي بالكثيرين التوقف عن مواصلة دراساتهم.. "في محافظة عدن نموذجاً واضحاً لذلك"؟.

وهل يعلم أصحاب القرار الحكومي- آنف الذكر - أن نفقات انتقال صغار الموظفين والعمال والجنود من منازلهم إلى مواقع عملهم سيحتاجون اقل ما يمكن تحديده "بين 15 إلى 20الف ريال " في الشهر الواحد.. فإذا كان راتب خريج الجامعة 45ألف ريال، فان عليه أن يدفع نصف هذا الراتب نفقات انتقال؟.

ألم يراعي صناع وواضعو هذا القرار كل هذه الاعتبارات والمشكلات عند وضعهم وإصدارهم لهذا القرار, أم أن عذرهم أنهم لم يأخذوا اثر ذلك على محدودي الدخل والفقراء.. وهذه ستكون المصيبة اﻷكبر واﻷعظم؟..

وحسب المركز إن قرار حكومي هكذا صدر لا يمكن تفسيره إلا انه جاء دون دراسة حقيقية لمسار العملية السياسية والاقتصادية التي حددها مؤتمر الحوار الوطني من خلال مخرجاته التي يمكن باحترام تنفيذها يمكن وضع حلول شاملة لكل مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون انتقائية مدمرة ومربكة للعملية السياسية ومسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد