المتسولون في العاصمة الاقتصادية "عدن" مهنة أم تفاقم الأوضاع ؟؟؟

المتسولون بأرصفة محافظة عدن.. همّ أنساني لا طاقة على استيعابه

2014-07-19 05:47:13 تقرير/محمد المسيحي

وأنت مارٌ في إحدى شوارع وأزقة محافظة عدن وفي الأماكن المكتظة بالمارة وعدد السيارات المتنوعة الصغيرة والكبيرة، أو تقف عند إحدى الجولات لمتابعة السير أو تذهب إلى الأسواق والمساجد وبعض المنتزهات العامة خصوصا في هذا الشهر الكريم حتى أنك تصطدم بعدد مفاجئ من المتسولين رجالاً ونساء وأطفالاً صغاراً وكباراً ومن محافظات عديدة، فتجدهم في هذا أيام شهر رمضان، حيث يكون الناس أكثر جودا وتصدقا في تقديم العون والمساعدة لكل محتاج، ولكن أكثر ما يزعج المتصدق أن يجد في غاية الأمر أن هناك بعض المتسولين يستخدمون بعض الأوراق والفحوصات الكاذبة لكسب الأموال وعرضها على كل متصدق وبألفاظ عديدة تجلب الرحمة لدى الكثير وكل هذا من أجل استدرار عطف المحسنين إليهم، وهذا ما جعل الكثير من المواطنين يرون بأن التسول أصبح بمثابة مهنة يمتهنها العديد من المتسولين صغارا ونساء وحتى المسنين أكثر المحتاجين إلى كسب المال عن طريق حمل التقارير من بعض المستشفيات والمتضمنة بأنهم مصابون بأمراض مزمنة، فيما تذهب غالبية النساء إلى استئجار أطفال من بعض أبناء جلدتهم لكي يقوموا بالتسول بهم على أجر متفق بين الطرفين والوقوف بهم في الأماكن المزدحمة والمساجد، فتلك الظاهرة استفحلت بشكل لافت للانتباه في محافظة عدن وباقي المديريات والمحافظات الأخرى خلال شهر رمضان الكريم مما جعلها تفوق كل الحدود، فبعد أن كانت في أوقات سابقة مقتصرة على النساء والأطفال دون الرجال، أصبحت اليوم هذه الفئة أيضا أكثر ممارسة لهذا النشاط, حيث يغتنم الكثير من المتسولين فترة شهر الرحمة الذي يكثر فيه معظم المواطنين وفاعلو الخير العبادات بكل أنواعها بما فيها الصدقة.. إليكم التقرير التالي:



ظاهرة مألوفة

لقد توسعت تلك الظاهرة والتي تسمى بظاهرة التسول لدى الكثير من الأطفال والنساء صغارا وكبارا وحتى المسنين أخذوا نصيبا منها، فتجد أكثر الناس من يدعي بتلك الظاهرة بأنها الظاهرة المألوفة بين أوساط المجتمع من حيث تنوع المتسولين وجلب أوراق وتقارير كاذبة فهنا تقف مكتوف الأيدي في حين أن تباشرك إحدى الفتيات أو الفتيان بطلب الصدقة وتطلق كلمات ينفطر لها القلب ولكن لم تدرك الأمر هل هذا يستحق للصدقة أم أنه محتال غير محتاج, فالأسئلة كثيرة والكلمات الملقاة غريزة الثمن ولكن ومع كثرة المتسولين لم يكن أكثرنا على ثقة على تقديم المال لأنه لم يدر الصدقة ولمن يقدم، فهي وفي الحقيقة أصبحت مهنة يمتهنها الصغار قبل الكبار والنساء وأصبحن متسولات محترفات يمارسونها بذكاء وحنكة، فهناك النساء اللواتي يرتدين النقاب ويحملن أطفالهن على أذرعهن للفت انتباه المارة من خلال مظاهر البؤس والفقر المتنوعة، وآخرون منهم من يحمل التقارير الطبية، ويعرضها على فاعلي الخير ويستخدم حينها كل الأساليب التي تقنع المتصدق بإخراج المال وتقديمه إليه سواء كان من الرجال الصغار أو الكبار أو النساء، وهناك فئة أخرى من يحمل شهادات وفاة ويتحدث أمام الملا بأنه يتيم ولا يوجد من يعولهم ويسد رمقهم من الفقر والجوع المتكدس في منزلهم.

أطفال يلاحقون المصلين

في مثل هذه الظاهرة التي يستخدمها الكثير من الأطفال في انتزاع المال وخصوصا عندما تلاحظهم يلاحقون المصلين ويزعجون الكثير من المارة ويتحدثون بأنهم أيتام أو بصفات أخرى فهذه ظاهرة أصبحت تغزو عموم محافظات اليمن في حين تجدهم يعتدون على حرمة المساجد ويستولون داخل بيوت الله دون أي خجل، حيث الكثير يشكي من الانتشار الكثيف للمتسولين دون أن تضع لهم الدولة أي عقوبة في تشويه للمجتمعات اليمنية في التسول المتزايد، فيما الأجهزة الأمنية متغاضية عن تلك الأمور ولم تقم بواجبها وضبطهم واتخاذ الإجراءات الصارمة ضدهم، ومن ثم إخلاء الشوارع من المتسولين الذين يزعجون كافة فئات المجتمع وخاصة في شهر رمضان، حيث يرى الكثير من سكان محافظة عدن بأن تلك الظاهرة تزداد يوما تلو الآخر إن لم تتحرك كل الأجهزة وتحارب عملية التسول التي شوهت بالمجتمع اليمني، حيث لا يخلو شارع أو حافة أو مسجد أو مطعم إلا وأمامه عدد من المتسولين وآخرون من يأتي بأطفال وينسبهم إليه للفت الناس وإعطائهم المال من قبل المتصدق دون أي خجل أو خوف وهذا ما جعل الحالة تزداد وتعم المحافظات بأكملها.

نحن في شهر الخير والبركة

هكذا يتحدثون وبلسان طلق أنهم في شهر الخير والنعمة والبركة وبتحركهم المستمر سوف يحصلون على المال من الخيرين وأصحاب المحلات، فهم يرون أن الناس في هذا الشهر لا يردون أي محتاج ويعطونه ما استطاعوا ليكسبوا الأجر مضاعفا، فيما البعض يشفق على الأطفال وهم في حر الشمس يتسولون ويعطونهم دون تردد، وبهذا جعل انحدارهم للشوارع, لا تكاد تمر إلا وفي تلك الشوارع أناس متسولون ويلحون إلحاحا حتى يستخرجون المبلغ الذي تنفقه عليهم.

لا يستحقون الصدقة

الكثير من الناس من يقول إن هؤلاء المنتشرون في كل الشوارع- ومع حرارة الشمس ومن لديهم أطفال وبعض التقارير- بأنهم لا يستحقون الصدقة وبأن هذا العمل الذي يمارسونه هو عادة للكسب وبدونه لا يستطيعون العيش إلا بتلك العادة التي استمروا بها لجلب الأرزاق وعلى حساب الناس الخيرين حتى أن الإنسان لا يقدر أن يفرق بين المحتاج والغير محتاج, هذا ما جعل الكثير يهرب من أمام المتسولين وعدم إعطاءهم أي مبالغ مالية لأنهم وجدوا أن أكثرهم غير محتاجين وأن تلك هي عادة استمروا فيها وغير قادرين على تغييرها مهما تغيرت الأوضاع، فكل ما يقوم به هؤلاء المتسولون والجلوس على الشوارع والمساجد والجوالات مستغلين المواطنين وكل الخيرين إنما هي خبرة ومهنة اعتادوا عليها ومن الصعب تغييرها وهذا ما يلاحظ في تلك الشوارع وحتى صغار السن من يأتي إليك بقصاصة ورق ومكتوب عليها بعض الكلمات بأن أفراد أسرته وقع بهم حادث أو صاعقة رعدية وآخر من يدعي بأن أسرته قتلت في حرب صعدة وآخر يقول في أبين وكل هذا افتراءات وأكاذيب يأتون بها لاستعطاف الناس إليهم فقط، وتجد بعض فاعلي للخير يمدون الحاجة وهم متخوفون لعدم معرفتهم لمن يحتاجونها، فهؤلاء المتسولون يتحينون الفرصة الثمينة في جلب الصدقة فعندما يهل علينا شهر رمضان تجدهم يتهافتون على الناس والتجار والمؤسسات لأن الخيرين يخصصون مساعدات عينية ونقدية للمستحقين، ما جعل الكثير منهم يهرع إلى مثل هذه الصدقات بل ينتظرون مثل هذا الشهر كفرصة ليعم الخير والرزق عليهم وإن كانوا لا يستحقوها فهكذا هي حياتهم التي اعتادوا عليها في استعطاف الناس إليهم.

متسولون للعيش وآخرون للاغتناء

تشهد محافظة عدن وكل شوارعها تلك الظاهرة التي غيرت ملامح المحافظة وخصوصا في شهر رمضان وهذا تزايد كبير، حيث يتربص بالمتسولين بالشوارع والأماكن العمومية والمزحومة بالبشر وحتى الأسواق الشعبية والمساجد أكثر اكتظاظا بهم تجدهم في النهار والليل ولا يكاد أن تمروا على إحدى المساجد لأداء الفريضة فإذا بالمتسولين ينتظرون في الأركان وعلى أيديهم بعض الأوراق والبعض الآخر مشوه في عينه أو بطنه أو أي مكان لجذب المصلين إليه، فهم يمدون أيدهم للعيش فيما آخرون يتسولون للاغتناء وكسب المال فقط ويذهب بعضهم إلى الأسواق منها سوق القات لشراء تخزينة فيما البعض من محتاج لها لم يجد نصيبه سوى الوقوف لعدد من الساعات دون فائدة، وهذه الظاهرة أصبحت مزعجة للغاية خاصة مع هذا الشهر الفضيل وهي الأكثر إزعاجا حين استغلال هؤلاء المتسولين في التأثير على الناس وإطلاق كلمات تجعل المتصدقين يستعطفونهم.

قصة واقعية

أثناء مروري بإحدى الشوارع الرئيسة لمديرية الشيخ عثمان وخصوصا الشارع الخلفي لمسجد النور وأثناء صعودي للصلاة في المسجد فإذا بامرأة تجمّع لديها عدد من الأطفال تجاوز عددهم خمسة أطفال وهذه المرأة سنويا تجلس في ذلك المكان والأطفال بنفس العمر فإذا بها تسألني بأن أعطيها صدقة في هذا الشهر الكريم، لم يكن أمامي من خيار سوى أن أفتش في جيبي عن بعض الفلوس المتواجدة لديّ، وأمدها لها وقالت إن لديها هؤلاء الأطفال وعندها زوج قاعد في المنزل يعاني من مرض خبيث، فأعطيتها الفلوس لم أتذكر كم قدمت لها وبعدها فررت من وجهها مذعورا تفادياً للإحراج، ذلك أن بعض المتسولين باتوا يحتقرون الكثير من الناس بنظرات مستهزئة إذا لم تمنحهم صدقة معتبرة، ففي قبل رمضان تجد أناسا متسولين ولكن لم تعد بالحجم الذي وصلت إليه في شهر رمضان فهي مقلقة جدا، حيث ينتشر المتسولون في عدة أماكن وبشكل كبير وملفت للانتباه، فالمتجول في مدينة عدن وكل شوارعها وجولاتها يصطدم بأعداد هائلة من هؤلاء المتسولين صغارا وكبار ومسنين ينتشرون في كل مكان، وأكثر تجمعهم إما الشوارع الرئيسة أو عند أبواب المساجد وفي مفترقات الطريق وعند ازدحام السيارات، فكل تلك الأماكن يستوقفك متسولون من الجنسين ذكورا وإناثا ومن مختلف الفئات العمرية، أطفال ونساء ورجال وشيوخ وعجائز، وحتى الفتيات الشابات أصبحن يمتهن هذه المهنة بكثرة فهم يدعون أنهم يعولون أطفالا يتامى ورجالا يستعطفون بإبراز عاهاتهم أو مرددين كلمات منها "صدقة الله يرحم والديك".

نساء بصحبة أطفال

فين أن تلاحظ تلك الظاهرة المنتشرة في عموم المحافظات والمديريات وفيها تخرج النساء بصحبة الأطفال في شروق كل شمس وغروبها فهن يمارسن تلك المهنة ليستعطفن قلوب المواطنين الطيبين بعرض أطفالهن على المتصدقين بنظرة ملابسهم الرثة وتشقق أيدهم وظهور عليها علامات الشقاء والتعب في حينها يقف الخيرون بإعطاء المتسولين صدقات، فيما تجد النساء في تلك الحالة يرتدين العبايات المحلية الممزقة للفت الأنظار إليهم ودخول الرحمة إلى قلوبهم لكي يتصدقوا عليهم، فهم يمارسون تلك المهنة التي امتهنوها لاستعطاف الناس واستغلالهم والبحث عن الفرصة الثمينة في نظرهم لشحذ عاطفة الناس واستعطافهم بحجة الحاجة من أجل كسب الثواب والأجر بالشهر الفضيل.

أعدادهم تزداد

بات أعداد المتسولين في محافظة عدن تزداد بكثرة المتسولين الذين احترفوا في تلك المهنة، حتى أن البعض قصد المساجد منزلا له ليكون مساعدا لجلب المال والبعض الآخر من قصد الشوارع وانتظر طوال النهار والمساء لجلب الأرزاق من المارة منهم أصحاب السيارات وآخرون من التجار من لديهم محلات حتى المطاعم لم تخل من المتسولين تجدهم مرتصين أمثال السراب واحد تلو الآخر إما أن تعطيهم فلوس أما الأكل لم يريدوه وهكذا باتت تصرفاتهم، فأصبحوا يزدادون في العدد فهم لم يبحثوا عن أعمال تغير أسلوب حياتهم إلى حياة أخرى غير التسول فتلك الأعمال التي يقومن بها في التسول أضحت إلى تسول في عدد من المهن منها الحاجة والامتهان و الربح، حيث أصبح الكثير ممن ينتظر الناس في شهر رمضان لكسب الأجر والثواب ولكن في الجانب الآخر وجدت زمرة وانتشرت في جميع المناطق والمحافظات في اليمن قاصدة هذا الشهر الفضيل وباستغلال العباد وكل الباغيين للخير مما جعل الخيرين أن يقدموا لهم المال وبكل بساطة، فلقد أصبح التسول ظاهرة سيئة نشاهدها في جميع أيامنا سوى في النهار و المساء وفي جميع الأماكن أينما تجلس تجد أمامك متسول طالبا المال وتلاحظ عليه علامات القوة ولو اتجه للعمل لكان خيرا له أفضل مما يكون عالة على الغير في استعطافهم وطلب المال منهم، فهي في الحقيقة باتت تستهدف أماكن محددة بل أضحت ظاهرة مؤذية لكل الناس، فأكثر المتسولين تجدهم في رمضان حيث يعمد الكثير منهم إلى البحث عن مناطق جديدة للتسول فيها وأكثر تركيزهم على المساجد والأسواق والأماكن المزدحمة، فهم يلقون عبارات للاستعطاف التي تدخل عليها روحانية رمضان ومن ثم إعطاءهم للمال، فهي تشكل خطراً على حياة الناس وأمنهم بتزايدهم المخيف حتى أنك لا تقدر تفرق بين المحتاج والمحتال فالكل يدعي أن لديه اسر يتامى وآخرون من يدعى بأنه يعول أطفال فهكذا حياتهم ولسانهم يتحدث بنفس الكلمات المعبرة في الاستعطاف، فالكثير من يؤكد أن انتشار هؤلاء المتسولين في كل الأماكن والأزقة بالمحافظة يعود إلى عدم وجود إدارة محكمة لمكافحة المتسولين واتخاذ العقوبات الصارمة ضد جميع المتسولين.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد