توقع نجاح الحركة في تفكيك تحالفات هادي وإسقاط حُكمه..

مركز الجزيرة للدراسات: هناك ثلاثة سيناريوهات لتوسع حركة الحوثيين

2014-07-04 15:58:38 أخبار اليوم/ ترجمة خاصة

توقع تقرير نشره موقع مركز الجزيرة للدراسات باللغة الإنجليزية ثلاثة سيناريوهات للتوسع المسلح لجماعة الحوثي.

وأشار المركز- في تقرير له- إلى أن السيناريو الأول يتمثل في انه من المحتمل أن تكتسب الحركة هيمنة عسكرية، فيما السيناريو الثاني؛ أنها قد تحقق اندماجاً مدنياً والسيناريو الثالث والأخير: قد تتبع الحركة مزيجاً من الأنشطة العسكرية وأنشطة بناء المجتمع المدني.

ويستدرك التقرير بان الدوافع الداخلية لجماعة الحوثي والمدى الذي يمكن أن يؤثر فيها كل من القوى اليمنية والإقليمية سيكون العامل الحاسم.

وأشار التقرير إلى أن جماعة الحوثي تفرض موقفاً طائفياً ومذهبياً كحركة جهادية تتناقض مع العمل السياسي ومطالب الدولة المدنية.

وأضاف أن هذا يثير عدة تساؤلات حول أهداف الحركة وكذلك النتائج المحتملة من التذبذب بين العمل العسكري والاندماج المدني.

ونوه إلى أن حركة الحوثيين استغلت نقاط الضعف الحالية وتحديات المرحلة الانتقالية والتغيير السياسي في البلاد والمنطقة لتحقيق الانتصارات العسكرية الأخيرة.

وأضاف التقرير أن هناك تقاطع مصالح بين حركة الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، فقد استغلت حركة الحوثيين النفوذ السياسي والاجتماعي لصالح في تدمير الأعداء المشتركين مثل قبلية حاشد، مشيراً إلى إزاحة حركة الحوثيين من أعلى القائمة السعودية للتهديدات التي تواجهها، حيث تم استبدالها بجماعة الإخوان المسلمين.

"أخبار اليوم" تنشر نص التقرير:

خلال الثلاث السنوات الماضية منذ بداية ثورة الشباب عام 2011، حقق الحوثيون توسعاً عسكرياً ملحوظاً في خمس محافظات يمنية شمالية خارج معقلهم في محافظة صعدة. لقد أثبتت الحركة الشيعية قدرتها العسكرية الصلبة التي سمحت لها بالقتال على عدة جبهات في وقت واحد.

هذه الورقة تناقش ثلاثة سيناريوهات محتملة لحركة الحوثيين نظرا لأنه من الصعب التأكد من أهدافها، الأهداف الاستراتيجية والمسار المستقبلي.

السيناريو الأول: من المحتمل أن تكتسب الحركة هيمنة عسكرية

السيناريو الثاني: قد تحقق اندماج مدني

السيناريو الثالث والأخير: قد تتبع الحركة مزيجا من الأنشطة العسكرية وأنشطة بناء المجتمع المدني

لكن الدوافع الداخلية للحركة والمدى الذي يمكن أن يؤثر فيها كلا من القوى اليمنية والإقليمية سيكون العامل الحاسم.

مقدمة

مستغلة التحديات السياسية والاقتصادية في اليمن خلال المرحلة الانتقالية، تمكنت حركة الحوثيين الشيعية من توسيع عملياتها خارج معقلها في صعدة، محافظة الآن على تواجد لها في جميع أنحاء البلاد. وفي الوقت نفسه، يبدو أن الحركة لديها رسالة مزدوجة: من جهة أنها تعتمد على العمل السياسي للاندماج في دولة مدنية يحكمها الدستور وسيادة القانون ونتائج الحوار الوطني. ومن جهة أخرى تفرض موقف طائفي ومذهبي كحركة جهادية تتناقض مع العمل السياسي ومطالب الدولة المدنية.

وهذا يثير عدة تساؤلات حول أهداف الحركة وكذلك النتائج المحتملة من التذبذب بين العمل العسكري والاندماج المدني. هذه الورقة تناقش ثلاثة سيناريوهات محتملة للحركة فضلا عن موقف القوى المحلية والإقليمية والدولية.

أهداف التوسع العسكري غير واضحة

على مدى السنوات الثلاث الماضية، توسعت حركة الحوثيين عسكريا في خمس محافظات شمالية. في الفترة الأخيرة فقط، حققت سلسلة من الانتصارات العسكرية ضد المعارضين لها في كتاف ودماج، من ضمنها انتصارات ضد السلفيين والقوى القبلية والجهادية المتحالفة معها، والخروج باتفاق مصالحة برعاية الدولة أجبرت سلفيي دماج على الخروج من صعدة، وانتصارات كبيرة ضد قبيلة حاشد لآل الأحمر، وشن حملات عسكرية ضد حزب الإصلاح الإسلامي والقبائل المتحالفة معه وفتح جبهة جديدة في منطقة همدان على بعد 12 كيلومترا فقط من العاصمة صنعاء.

على المستوى المحلي والإقليمي، استغلت حركة الحوثيين نقاط الضعف الحالية وتحديات المرحلة الانتقالية والتغيير السياسي في البلاد والمنطقة لتحقيق الانتصارات العسكرية الأخيرة.

أولا، هناك تقاطع مصالح بين حركة الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، فقد استغلت حركة الحوثيين النفوذ السياسي والاجتماعي لصالح في تدمير الأعداء المشتركين مثل قبلية حاشد.

ثانيا: إزاحة حركة الحوثيين من أعلى القائمة السعودية للتهديدات التي تواجهها، حيث تم استبدالها بجماعة الإخوان المسلمين.

بالنسبة لأهداف التوسع العسكري للحوثيين، هناك عدة احتمالات.

أولاً: بالتعاون مع الحكومة السابقة، تحاول حركة الحوثيين إفشال الجهود الانتقالية. والمحافظة على استمرار الفوضى وتعطيل الشؤون الداخلية من شأنه إتلاف النظام الهش للرئيس عبد ربه منصور هادي. وهذا سيعمل أيضا على تفكيك التحالفات الداخلية للرئيس هادي من خلال إفراغه سياسيا وإسقاط حكمه في نهاية المطاف.

ثانياً: الفوضى الداخلية تعني أن الحوثيين لديهم مزيدا من الفرص لتسجيل مكاسب عسكرية والتوسع في المناطق.

ثالثاً: الأنشطة العسكرية للحركة تكسبها نفوذا للضغط على النظام الحالي وانتزاع تنازلات بشأن حصتها في الحكومة.

رابعا: التوسع العسكري يعطي الحركة نفوذا عندما تبرم اتفاقيات مصالحة مع القبائل المحلية، ففي كل اتفاقية يوقعون عليها هناك نصا يتيح لهم الحرية المطلقة في نشر تعاليمهم المذهبية والدينية.

ولذلك يمكن القول إن الاستراتيجية العسكرية لحركة الحوثيين هي جزء من الهدف الأكبر المتمثل في توسيع نطاق وجودها على أرض الواقع من أجل تسهيل مشروعها العقائدي، لكن هذا المشروع غير قادر على الاندماج في دولة مدنية.

إن نزاعاتهم التوسعية أصبحت مدعاة لقلق أكبر عندما تقترن بطموحات الهيمنة والأجندة الطائفية، التي تتضمن "تحرير" الأمة الإسلامية من قوى "الاستكبار العالمي" من خلال حشد أعضائها كجيش يقاتل من أجل هذه القضية.

الاتجاهات المستقبلية: بين الهيمنة والاندماج

ثلاثة مسارات تبدو محتملة: الحوثيون يكسبون هيمنة عسكرية، وحركتهم تندمج في الحياة المدنية أو تنتهج مزيج من الاستراتيجيات بطريقة مماثلة لجماعة حزب الله في لبنان.

والعامل الحاسم ستكون الدوافع الداخلية للحركة وإلى أي مدى ستؤثر القوى اليمنية والإقليمية في مسار الحركة.

السيناريو الأول: الهيمنة العسكرية

الحركة تستند في شرعيتها من الإرث الشيعي الذي يتضمن ظهور المهدي، وكذلك الملاحم الشيعية الرئيسية الأخرى، وهي تصنف أولئك الذين يعارضونها بأنهم أعداء الأمة الإسلامية.

بسبب طبيعتها الطائفية وعدم القدرة الهيكلية على الاندماج في حكومة ائتلافية، فإن أجندة الحركة لا يمكن أن تصبح حقيقة واقعة دون استخدام القوة العسكرية. إذن الواقع هو أن الأجندة الاحيائية الجهادية لحركة الحوثيين تسوق أتباعها دينيا وعقائديا، مما يجعلهم مقاتلين لأسباب كبيرة تتجاوز الحدود المحلية ويكون من الصعب نزع سلاحهم. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذه الحركة لا تندمج بسهولة في بنية سياسية أو اجتماعية تعتمد على الوسائل السلمية للسيطرة.

في هذا السيناريو، لا يمكن لحركة الحوثيين التخلي عن أجندتها العسكرية، لذلك سوف تستمر في بناء قوتها العسكرية في الوقت الذي تختبئ وراء خطاب المجتمع المدني. وزيادة القوة العسكرية والسيطرة على أراضي أكبر سيكون مترجم في السلطة السياسية في اليمن، فضلا عن الدعم من القوى المحلية التي لها مصلحة في إزالة الرئيس هادي من الرئاسة.

كانت حركة الحوثيين تستخدم تلك القوى لمصلحتها الخاصة، وفي نهاية المطاف ستتخلص منها وتحقق السيطرة الكاملة على النظام والدولة. من الناحية الجغرافية والاستراتيجية، فإن هذا الوضع سيمنح الحوثيين السيطرة على الهضبة الشمالية القبلية، المعقل الاستراتيجي للطائفة الزيدية ونسخة طبق الأصل من نموذج الهيمنة الإمامية التقليدية في اليمن.

لكن من الصعب جدا تحقيق هذا السيناريو لأنه سيقذف بالبلاد إلى أتون حرب أهلية، وهو أمر لا يريده حتى أولئك المعارضين للرئيس هادي. وحتى لو توسعت الحركة إلى الهضبة الشمالية، فلن تكون بالضرورة قادرة على إحكام قبضتها على المناطق الوسطى.

وعلى المستوى الإقليمي، فإن هذا السيناريو هو أيضا مشكلة بالنسبة لأولئك القلقون من توسع النفوذ الإيراني. البعض جادل في أن الحوثيين لن يكونوا قادرين على التوسع عسكريا في الأشهر القليلة الماضية إلا بموافقة ضمنية ليس من القوى القبلية المحلية فقط، بل أيضا من القوى الإقليمية المتعاطفة مع القوى الخارجية، خصوصا أولئك الذين يرغبون في الحد من نفوذ حزب المؤتمر الشعبي العام.

السيناريو الثاني: الاندماج في دولة مدنية

بموجب هذا السيناريو، فإن حركة الحوثيين ستسعى للاندماج في المجتمع المدني، مما يضطرها إلى اتباع الوسائل السلمية للوصول إلى السلطة.

 هناك فرضية مهمة جدا في ظل هذا السيناريو تظهر أن الاندماج المدني سوف يواكب المطالب السياسية للحركة ومن شأن ذلك تلاشي التهديدات المحيطة بالحركة.

فإذا كان لديهم ميل لهذا السيناريو إلى حد ما، فإن ذلك سيزيد من دعم أعضاء الحركة لخيار الدولة المدنية. وعلاوة على ذلك، فإن الحوثيين في مثل هذه البيئة للدولة المدنية التي تقبل بالتنوع، سيكونون قادرين على نشر فكرهم بحرية دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية.

وهناك فائدة ستنجم عن هذا السيناريو، وهي أن المحللين يعتقدون أن الحوثيين سيضطرون إلى تخفيف خطابهم الطائفي العدائي ومواجهة السنة، مما قد يؤدي إلى انتشارهم محليا والتقارب مع الأطراف الإقليمية التي لديها نفوذ في الشؤون اليمنية.

إن خيار الاندماج المدني والتسوية السلمية لقضية الحوثيين هي مصلحة مشتركة للأطراف الداخلية والخارجية على حد سواء لأن البديل هي الفوضى والعنف والصراع الطائفي المسلح.

بدعم من الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية والأمم المتحدة، بإمكان نظام الرئيس هادي فرض هذا الخيار وإلزام الأطراف المعارضة على الامتثال له. المبادرة الخليجية أصبحت مسنودة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140 الذي يندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إنه أداة قوية لنظام هادي، ويمكن استخدامه للضغط على الحوثيين للتحرك نحو مسار التسوية ونحو بناء الدولة المدنية المنشودة أو مواجهة عقوبات دولية بسبب إعاقة العملية الانتقالية.

من بين أشياء أخرى، هذا القرار كان نتاج قلق هذه الدول العشر من التوسع العسكري للحوثيين نحو العاصمة صنعاء والاتجاه المتزايد من الأطراف المتنازعة نحو اللجوء الى القوة بدلا من الحوار.

وهذا القرار أظهر دعما دوليا واضحا لنزع سلاح الأطراف المحلية وتحويل حركة الحوثيين إلى قوة مدنية تتنافس بالوسائل السلمية. وعلى المستوى المحلي، ليس هناك أيضا رغبة في الصراعات وخلق معركة بين السنة والشيعة، وهو أمر من شأنه أن يشعل عدة جبهات بين التيارين في أنحاء اليمن، مما يؤدي إلى تقويض السلام وقدرة الدولة على بسط سلطتها على أراضيها وكذلك سيخلق بيئة داخلية سهلة الاختراق لانتشار الأسلحة ونمو الجماعات المتطرفة.

السيناريو الثالث: نموذج حزب الله في لبنان

هذا السيناريو يفترض أن حركة الحوثيين ستسعى إلى انتهاج مزيج من الاندماج السياسي والقوة العسكرية، على غرار نموذج حزب الله في لبنان. وهذا واضح من خلال جوانب سلوكها الحالي ومحاولاتها لاستخدام القدرة العسكرية للتوسع واختراق النظام السياسي، في محاولة لزيادة حصة قوتها.

بالنسبة لحركة الحوثيين، فإن أي نزع للسلاح سيكون مرتبط ببناء هياكل جديدة للدولة المدنية والسلطة السياسية بحيث تلعب فيها الحركة دورا قياديا. المحللون يعتقدون أن تقديم أي تنازلات حول القوة العسكرية لن يحصل إلا بعد أن تضمن الحركة موقعها في المؤسسات السياسية. وهذا سيكون مطابقا لسياسة حزب الله الذي أصبح مندمجا في الدولة اللبنانية ومشاركاً في النظام السياسي مع المحافظة على الأجندة العسكرية الخاصة به.

بالنسبة لحزب الله، فإن الدمج بين قواه السياسية والعسكرية مكن الحزب من فرض نفسه على الدولة والقوى الفاعلة الأخرى. وربما تنجح حركة الحوثيين في تحقيق الاندماج والحفاظ على الأجندة العسكرية الخاصة بها لبعض الوقت كما فعل حزب الله في لبنان. ومع ذلك، فإن هذا لن يكون مستداما في البيئة اليمنية التي تحاصرها تهديدات خارجية مختلفة، ناهيك عن البيئة الاجتماعية والسياسية المختلفة والموقع الجغرافي المختلف والمصالح المختلفة للقوى الدولية والإقليمية.

إذا كان على حركة الحوثيين إتباع هذا السيناريو الثالث من خلال الجمع بين النفوذ السياسي والقوة العسكرية، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى عسكرة المجتمع وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأطراف الأخرى التي تسعى إلى تقليد الحوثيين من خلال الجمع بين القوة العسكرية والسياسية ستدفع إلى تفاقم العنف والصراعات الطائفية في المجتمع اليمني. وهذا قد ينقل الصراع الطائفي والسياسي إلى الصراع على الدولة والمستوى المؤسسي، لأن كل طرف سيحاول السيطرة عليها واستخدامها كورقة ضغط ضد الأطراف الأخرى.

وهذا الاحتمال الأخير سيكون انتقالي في الواقع، ومن المتوقع أن يتطور على المدى الطويل إلى واحد من سيناريوهين:

-  إما العودة إلى خيار الدولة المدنية وتخلي جميع الأطراف عن أسلحتهم، مما يجعل من الصعب على طرف واحد فرض السيطرة من جانب واحد على الآخرين

- أو يكون خطوة نحو الانهيار التدريجي للدولة وانزلاق اليمن نحو حرب أهلية طائفية.

وهذا سيكون امتداداً للصراع الطائفي المتزايد في جميع أنحاء المنطقة من سوريا إلى العراق ولبنان، والتي تغذيها الأطراف الخارجية التي لها مصلحة في تأجيج صراع طائفي إقليمي أوسع.

موقع مركز الجزيرة للدراسات باللغة الإنجليزية

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد