في ظل غياب المستشفيات والكوادر الصحية..

الحديدة.. أكثر من 7300 طفل معاق ولا حل!!

2014-04-01 08:56:22 أخبار اليوم/ فتحي الطعامي


تتأصل ثقافة اللامسوؤلية في عدم الحفاظ على أبنائنا وفلذات أكبادنا ليقود ذلك إلى تضخم المشكلات الإنسانية وتفاقم الأمراض فينتشي الألم والمرض في أوساط مئات الأطفال والأسر والمجتمع برمته، ها هي محافظة الحديدة تتصدر مرض الإعاقة فتحصد الوجع لأطفالها، مع غياب المشافي المتخصصة وإهمال الدولة والسلطة الملحية بدرجة أساسية والمجتمع لهذه القضية الصحية التي تتزايد باستمرار التجاهل وانعدام الحلول..

أخبار اليوم/ فتحي الطعامي

إحصائيات وعوامل

العوامل البيولوجية أو الوراثية وأخطاء أخرى يتعرض لها الأطفال أثناء الولادة كلها عوامل مساعدة للإصابة بأمراض الإعاقات الذهنية أو الجسدية وحتى الحركية الأمر الذي يؤثر على حركة وتفكير وسلوك هؤلاء الأطفال منذ أيامهم الأولى ويرافقهم هذا المرض طوال حياتهم وإن حصل تحسن بسيط يظل تدهور الحالة صفة ملازمة حسب قراءة الأطباء المتخصصين.

في محافظة الحديدة الحاصلة على صدارة المعضلة تأتي الأولى في عدد الأطفال المصابين بالإعاقات ويؤكد ذلك وليد الشواقي- مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين- أن أكثر من 7300 طفل مصابين بالإعاقات منهم 40% مصاب بمرض الإعاقة الذهنية, مضيفا هذا ما تم تقييده وان هناك أعدادا أخرى لم يتم الاطلاع عليها أو لم يقم ذوي الأطفال المعاقين بتسجيلهم لدى الصندوق..

تأكيد الخطر

ثمة قلق كبير يؤكده مسؤولو صندوق رعاية المعاقين بالمحافظة نتيجة هذا التزايد المخيف لأعداد الأطفال المصابين بأمراض الإعاقات, الأمر الذي يتحتم على الدولة سرعة التحرك وإنزال فرق طبية وعلمية من شأنها تنفيذ دراسات لمعرفة أسباب تزايد أمراض الإعاقات التي باتت تثير قلق المجتمع في المحافظة وتزعج حياة الطفل..

ويواصل مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين مطالبته بتشكيل لجان ميدانية للنزول إلى المناطق وتوثيق حالات الإعاقة التي لم يتم تسجيلها لمعرفة حجم الكارثة الموجودة في محافظة الحديدة المتعلقة بحالات الإصابات بأمراض الإعاقات الذهنية أو الجسدية والحركية..

المجتمع المسؤول والوجع القائم 

متخصصون يتحدثون أن أمراض الإعاقة تتعدد بتعدد وتنوع الأسباب فمنها ما يتعلق بالانتقال الوراثي ومنها ما يتعلق بانتقال الأمراض من القطط إلى الأم الحامل وغيرها من الأسباب..

 نقابة الأطباء بالحديدة تشارك في استمرارية المشكلة ومعاناة الأطفال, حيث أفاد الدكتور/ نجيب ملهي- رئيس النقابة وأخصائي أطفال- أن ما يعانيه الأطفال المصابون بأمراض الإعاقة بأنواعها يفوق ما يمكن أن نتخيله خاصة مع انعدام المراكز الصحية وغياب الوعي لدى الآباء الذين يعاني أبناءها من هذه الأمراض الأكثر ألما بهؤلاء الأطفال..

ويواصل حديثه: الإعاقات التي تصيب الأطفال تتركز في الإعاقات الحركية والذهنية والبصرية والسمعية والتي ترتبط بإعاقة النطق, وهذه الإعاقات تتسبب في الغالب إما بفقدان البصر بشكل كلي (لأصحاب الإعاقة البصرية) أو بشكل جزئي, وفيما يتعلق بالإعاقة الحركية يصبح هؤلاء الأطفال غير قادرين على استعمال أطرافهم (المشي) أو اليدين وهو الحال مع إعاقة الذهن والذي هو عبارة عن ضمور للمخ بحيث تصبح هناك صعوبة فيما يتعلق بعملية التفكير..

أما ما يتعلق بالأسباب يرجع ملهي أسباب الإعاقات إما لأسباب بيولوجية أو وراثية- كأن يكون أحد الأبوين أو أحد الأقارب من الآباء والأجداد والمصابين بمرض الإعاقة- وهو ما قد يظهر في الطفل وينتقل اليه بحكم توارث بعض الصفات والأمراض ويكون في الغالب في الجانب الوراثي لسبب زواج الأقارب.. وهناك أسباب أخرى مرتبطة بفترة (الحمل) إما قبل أو أثناء أو بعد الولادة فقبل الحمل يتعلق بزواج الأقارب الذين قد يكون فيهم بعض المشاكل المرضية أما أثناء عملية الحمل فهو كأن تصاب الأم الحامل بمرض الحصبة الألمانية أو مرض الهررة وهو الداء الذي ينتقل من (القطط) إلى الأم الحامل – دون غيره من البشر – وهذا المرض يتسبب في إصابة الجنين وخروجه معاقا.. وأما ما يتعلق منها بفترة ما بعد الولادة فتنحصر في نقص الأكسجين أثناء عملية الولادة, الأمر الذي يؤثر على المخ وبالتالي يؤدي إلى ضموره ومن ثم إلى وجود أعاقة لهذا الطفل ولهذا ينصح أن تتم عملية الولادة في المشافي لكي يتم تزويد الطفل المولود بالأكسجين إن هو احتاج لذلك.. كما أن عدم الحصول على الجرعات الصحية للأطفال كاملة قد يؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض ومن ثم بإعاقة نتيجة تدهور حالة الطفل.. )

في صدارة المرض

يأتي في مقدمة هذه الإعاقات مرض التوحد وهو عبارة عن حالة ضمور للمخ ويؤدي إلى التخلف العقلي وسوء الانتباه والحركة وعدم القدرة للتعامل مع المحيط الذي حوله فالأطفال المصابون بهذا المرض يعانون من مشكلة اللغة التعبيرية لديهم أو لغة الاستقبال لديهم – مع أن الأطباء يؤكدون أن بعض هؤلاء الأطفال المصابين بهذا المرض وفي وجود هذه الأعراض – قد يكونوا يفهمون ما يدور حولهم لكنهم لا يستطيعون التفاعل معه..

هذه الإعاقة تتسبب في معاناة حقيقية لهؤلاء الأطفال الذين يصعب عليهم القيام باحتياجاتهم الخاصة ناهيك عن تسببهم في كثير من المتاعب لذويهم الذين يعجزن في كثير من الأحيان للتعامل معهم بسبب الإعاقة الذهنية المترافقة مع الإعاقة الجسدية والحركية..

تقاسم الألم

في حين يعيش الطفل المعاق ألمه وسقمه المتنوع تظل الأسرة هي الأخرى تتقاسم معاناة أطفالها في ظل شح الإمكانيات المادية وعدم القدرة في معالجة أطفالهم فتضل حياتهم تسبح بالصمت والعجز..

 محمد سعيد- والد الطفل أحمد المصاب بمرض الإعاقة الذهنية منذ 7 سنوات أي منذ ولادته- يسكب معاناته قائلا( انه قد أرهق ماليا وذهنيا.. فمنذ أن علم بمرض ولده في سنته الأولى حاول أن يبذل كل جهده لعلاج ابنه المصاب بالإعاقة لكن للأسف أخبروه الأطباء أنه لا حل لمرض أبنه في الوقت الراهن وفي اليمن على وجه التحديد.. )

ويضيف ( اقتنعت وسعيت للحفاظ على حالة ولدي والعمل للحد من تدهورها فأبني وهو الآن في السنة السابعة لا يستطيع أن يقوم باحتياجاته الخاصة من أكل وشرب واغتسال.. ناهيك من انه وبسبب الإعاقة الذهنية والجسدية والحركية يقوم ببعض التصرفات التي قد تضره وتتسبب في إصابته بالجروح عن لم تكن في انتباه مستمر معه.. ومع ذلك فنحن في المنزل نتناوب على متابعته لكن المشكلة أن الدولة لم توفر لنا مشافي ومراكز صحية خاصة بمعالج أمراض الإعاقة.. هناك مركز خيري يقوم بتدريب الأطفال المعاقين على بعض الحركات وتنمية لغة الفهم وتنمية ما يتعلق باحتياجاتهم الخاصة لكنه يظل مركز محدود الإمكانات ويفتقر للكادر الطبي..

وتابع (كل تلك المعاناة السابقة والتكاليف الباهظة والكبيرة للأدوية التي يحتاجها الطفل لاستقرار حالته المرضية بوضعها المرافق للإعاقة فالراتب بسيط والاحتياجات الأخرى كثيرة ولا ندري ماذا نفعل.. أنا أطالب الدولة بتوفير العلاجات مجانا لمرضى الإعاقة وبما يخفف عن آبائهم..)

الطفل المعاق احمد ومعاناة أسرته نموذج لمئات الأطفال المعاقين الذين يعجز ذويهم عن توفير العلاجات والمتطلبات الطبية لهم.. في ظل عدم اكتراث الدولة بهذه الشريحة التي تعاني المرض ويكابد ذويها العجز والفقر والحاجة..

انعدام الرعاية وشحة الإمكانيات 

ألم وقهر وعجز ومواقف محزنة وتمنيات بالشفاء كل هذا يواري أم مهند ويفقدها القدرة على مساعدة طفلها في ظل غياب المشافي الخاصة والعجز المالي المتورم لدى أسرتها..

والدة الطفل مهند البالغ من العمر 9 سنوات تشكو من أن بعض أعضاء ولدها باتت تتدهور كما هو الحال مع العيون والسمع وكذلك النمو وهذا التدهور يأتي مع غياب الرعاية الطبية له وكذا من عدم توفر العلاج الذي ما عادت الأسرة قادرة على توفيره بسبب قلة الحال وتدني الدخل..

وقالت أم مهند (اليوم نحن نعاني جراء إصابة والدنا من الإعاقة التي رافقته من الولادة وقال الأطباء أن السبب فيها هو افتقاره للأكسجين أثناء الولادة (كون الولادة كانت في المنزل) كما نعاني من تدهور بعض الأجهزة والأعضاء لديه.. ومعاناة أخرى تتعلق بالإصابات التي يكون هو سببا فيها بسبب تصرفاته غير المتزنة والتي تؤدي في بعض الأحيان إلى إصابته بجروح أو ببعض الكدمات وفي أحيان يحتاج الأمر إلى إسعافه من تلك الإصابات..

فساد طبي, وانتظار المشرع

ومع تزايد وتفاقم المشكلة نجد أن الدولة ما تزال غير معنية بهذه المعضلة (مرض الإعاقة) الذي يعاني منه الآلاف من الأطفال في محافظة الحديدة فصندوق رعاية وتأهيل المعاقين بالحديدة والذي كان معنيا برعاية الأطفال المصابين بالإعاقات الذهنية والجسدية ويقوم بتوفير المعدات والعلاجات الطبية لهم (ممن هو مسجل لديه) في حدها الأدنى بدعم من الدولة..

مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بالحديدة أوضح أن الدعم الذي كان يقدمه الصندوق للأطفال المعاقين (ذهنيا أو جسديا..) توقف بتوقف الدعم الذي كانت تقدمه الدولة للصندوق عام 2011م ونحن ومنذ ذلك التاريخ ونحن نحاول إعادة ذلك الدعم..

وأضاف إن مجلس النواب كان قد اقترح أن يتم تخصيص نسب مالية على بعض الجهات كالاتصالات والجمرك والمرور ومصانع الإسمنت وغيرها لدعم الأطفال المصابين بالإعاقة ولتوفير الاحتياجات الطبية لهم إلا أن ذلك لم يتم تنفيذه للأسف الشديد..

مدير مكتب الصحة بالحديدة الدكتور عبد الرحمن جار الله أقر بأن الدولة لا توفر إلى الآن مشافي خاصة بالأطفال المصابين بحالات الإعاقة المختلفة كما أنها – الدولة – لم تعمل على تأهيل كادر طبي كتخصص في هذا الجانب..

وقال إن المراكز الصحية الخيرية أو الحكومية الموجودة على مستوى اليمن لا تقدم خدمات طبية كاملة للمعاقين عدا من مساعدة بسيطة وتأهيل محدود كما هو الحال مع مركز البهجة والرحمة في محافظة الحديدة والتي هي – المركزين – مبادرات إنسانية من قبل بعض الأشخاص المساهمين في هذا الجانب..

وأضاف (إن الدولة معنية اليوم بتوفير مشافي للمعاقين من الأطفال كما وفرت مشافي للمرضى النفسيين والعقليين ممن تجاوز سن الشباب وعليه تأهيل بعض الأطباء أو ابتعاثهم للدراسة الطبية في مجالات الإعاقة ليتم الاستفادة منهم في هذا الجانب..)

 تبقى مسؤولية الدولة قائمة في توفير كل وسائل الشفاء من علاج ومكان ومستلزمات وكوادر, تتبعها مسؤولية المجتمع والأسرة في تكثيف الثقافة التوعوية بمخاطر هذا المرض ما لم فإن المعاناة سوف تستمر ويستمر معها معاناة ألاف الأسر التي باتت محاصرة بالفقر وحاجة أطفالهم للعلاج وغياب المسؤولية..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد