هبة حضرموت الشعبية وهُبَابها
منال القدسي
منال القدسي

لا أحد يجهل تاريخ أهل حضرموت في العلم والأدب والدعوة.. حملوا راية الإسلام إلى جنوب شرق أسيا وإفريقيا ونشروا الإسلام دون أن يشهروا سيفا أو يزهقوا روحا ولم يقطعوا طريقا.. أحبهم الناس أينما حلوا منهم العلماء والأدباء والتجار.. وكانوا أكثر شهرة بالتجارة لحسهم التجاري وصدقهم وأمانتهم.. هكذا عرفنا الحضارم..

لا أحد يمكنه أن يتصور بان أبناء حضرموت باتوا لا يحتملون بائع متجول أو صاحب بسطة أو محل تجاري صغير في مناطقهم.. وهم مازالوا يملئون أصقاع الأرض بتجارتهم ودعاتهم.. فموروثهم الأخلاقي يتنافى مع مجرد التفكير بالأقدام على مثل تلك الأعمال المشينة.

 ما يشكوا منه أبناء حضرموت وشبوة وعدن ولحج لا يختلف عما تشكوا منه معظم المحافظات الشمالية، فنحن في تعز عانينا ومازلنا نعاني من التهميش والمناطقية في كل شيء وتسلط النافذين ولكن لا يعني ذلك التفكير أو المطالبة بالانفصال.. اليمن ليس ملك لشيخ أو لقبيلة.. اليمن وطن الجميع.. وعلى الجميع أن يناضل من أجل وحدة اليمن ومستقبله المنشود.. يمن الحرية والعدالة والمساواة.. يمن مستقل خالي من النفوذ الداخلي والخارجي وهذه مسؤولية جميع أبناء اليمن.

 إن ما يسمى بالهبة الشعبية المدعومة من جهات خارجية هدفها تمزيق الوطن وتحويله إلى دويلات ومشيخات.. والخاسر الوحيد سيكون أبناء الشعب اليمني شماليون كانوا أم جنوبيون.. ولعلنا نتذكر الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861م التي استمرت 4 سنوات حين أعلنت 11 ولاية من ولايات الجنوب الانفصال عن اتحاد الولايات المتحدة، حيث حاربت الولايات الجنوبية للمحافظة على استرقاق السود وعلى نمط الحياة الزراعية بينما عارضت الولايات الشمالية نظام الرق في الجنوب.. فماذا كانت نتيجة هذه الحرب؟ حصدت أرواح (1) مليون أمريكي، منهم 620 ألف قضوا بسبب المرض.. ولكن بالرغم من الخسائر المادية والبشرية الكبيرة فان الولايات المتحدة خرجت من الحرب موحدة أكثر من أي وقت وانتهت العبودية نهائياً في أمريكا عام 1865م وبدأت الولايات المتحدة انطلاقتها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه..

أين كانوا مشايخ وقبائل حضرموت عام 94م حين تم اكتساح ليس مناطقهم فحسب بل ومنازلهم؟؟ لم نسمع أصواتهم حينها!!

 ما يحدث الآن في حضرموت ليس خفيا على أحد ويأتي في سياق خلط الأوراق ومحاولة عرقلة عملية التغيير المنشود.. جهات خارجية معروفة تقف خلف تلك الهبة، وحتماً سيفشل مخططهم كما فشلوا في كل محاولاتهم التخريبية الإرهابية.. وأطماع الجارة الكبرى في إيجاد منفذ على البحر العربي حلماً.. وعلينا وعلى كل الشرفاء في اليمن تحويل ذلك الحلم الدنيء إلى كابوس.

 لن نصل إلى الحياة المدنية في ظل وجود المشايخ الذين يقفون وراء كل مصيبة في هذا البلد.. وعلى الرئيس هادي أن يقضي على المشيخة كما فعلها من قبل الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.. فالمشايخ هم الداء الذي يضاعف وجعنا، ليس من الآن وإنما منذ عشرات السنين كانوا السبب في قتل خيرة شباب اليمن فهم ملكيون في الليل وجمهوريون في النهار... وحدويون في النهار ولصوص في الليل.. يقتاتون من أعمال السلب والنهب والفتن.. هذه طينتهم التي جبلوا عليها.

 لقد عانى اليمنيون سواء في الشمال أو الجنوب من التهميش والإقصاء والنهب طوال 33 عاماً من استئثار نظام المخلوع بالسلطة وتسليطه فئة دنيئة من المشايخ والناقصين على رقاب الشعب ومقاليد الحياة.. أسماها بالثعابين.. اعتبرت البلاد إقطاعية لها فامتصت كل مقدرات البلد وثرواته وحولت الشعب إلى ما يشبه العبيد.. وخلال تلك الفترة لم نسمع عن هبات شعبية تستعيد كرامة الإنسان وحقوقه المسروقة.. وإخواننا في الجنوب منذ قيام الوحدة وما تلاها من أزمات، حرب 94م والحراك الجنوبي والتصفيات الجسدية لخيرة قادة الحزب الاشتراكي والإخفاء القسري.. كل هذا ولم نسمع عن هبات شعبية ولا حتى أصوات منددة.. واليوم بعد أن صرنا قاب قوسين أو أدنى من الحكم الفدرالي والنظام البرلماني.. نتفاجأ عن هبات شعبية.. فلماذا في هذا التوقيت تحديداً؟؟ وما الهدف من هذه الهبات؟؟ ومن يقف ورائها؟؟ ويمولها؟؟ ولصالح من؟؟

 حضرموت ومن حيث لا تعلم نزعت عن نفسها ثوب السكينة واختلقت لنفسها نفوذ قبلي وطبقة من البلاطجة انغمسوا بالهبة الشعبية وستنتهي الهبة وستعاني حضرموت الويلات من هباب تلك الهبة وإفرازاتها لسنوات قادمة فمن يزرع الشوك لا يجني العنب ومن يزرع الريح يحصد العاصفة .

في السبت 28 ديسمبر-كانون الأول 2013 06:58:15 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://www.akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://www.akhbaralyom.net/articles.php?id=74112