;
د/عبد العزيز المقالح
د/عبد العزيز المقالح

الفتنة استيقظت رحم الله من يخمد نيرانها 1172

2014-09-17 19:38:11


نعم، الفتنة استيقظت، ولا وقت لاستنزال اللعنات على من أيقظها بعد أن كانت نائمة، وربما كانت غير موجودة أساساً، ربما أنها قد استيقظت فلا مناص من العمل بكل حكمة واقتدار، وبكل ما أوتي العقل البشري من بصيرة على إطفاء نيرانها قبل أن تمتد إلى كل شيء في حياتنا، والذي سيطفىء الفتنة المستيقظة الآن ليس شخصاً ولا مجموعة أشخاص بل كل القوى الحية والمخلصة لهذا الوطن، والحريصة على إعادة التفاهم والوئام إلى كل أبنائه على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية. وهذه القوى القادرة أو بالأحرى المؤمل في قدرتها على إخماد نار الفتنة هي هذه المتمثلة في العقلاء من المستقلين والمنضوين تحت راية الأحزاب والمنظمات التي باتت تدري قبل غيرها نتائج استمرار الفتنة وعواقب التمادي في الصراع، انطلاقاً من حقيقة كبرى ومعروفة سلفاً وهي أن لا أحد سيخرج من رماد الفتنة منتصراً أو رابحاً، وأن المتفرجين سينالهم نصيبهم من الخسران.

الرجوع إلى الصواب وإيقاف تغذية نار الفتنة بالوقود اليومي فضيلة دينية إنسانية راقية وهو المطلوب أولاً وأخيراً، والاعتراف بأن الاندفاع وراء منطق الحقد والانتقام المتبادل بوحشية بين الأطراف المتصارعة هو بداية الحل والمدخل إلى سلام يعم الجميع ويحفظ لهذا الوطن قدراً من الأمان والشعور بالطمأنينة. أطراف الصراع واضحة، وأسباب الصراع أكثر من واضحة، وعلى الغالبية الصامتة غير المنتمية إلى هذا الطرف أو ذاك ألا تدفن رأسها في الرمال وتنتظر الحل أن يهبط من الفضاء أو يأتي معلباً من واشنطن أو لندن. الحل هنا، هنا في اليمن، وهو يبدأ من خلال الاعتراف المتبادل بحق كل المكونات الوطنية في أن تكون حرة في اختيار نهجها الفكري والسياسي، وأن تشارك في هيكل الدولة ومؤسساتها دون تجاهل أو إقصاء لكفاءاتها أو من يمثلها في الحياة العامة بعيداً عن الاتهامات والمماحكات.

ذلك هو بداية الحل الذي لابد أن يكون يمنياً / يمنياً، فقد بات العقلاء في هذه البلاد وحتى الكثير من مجانينها يدركون عبث الأيدي الخارجية ودورها في إطالة زمن النزاع واستغلاله في ترسيخ نفوذها وإيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد الذي ظل يعتز باستقلاليته، ورفضه للتدخل في شؤونه الداخلية، ولعل ما كان يجمع اليمنيين ويوحّد مواقفهم - رغم الخلافات التي كانت تثور في ما بينهم- كراهيتهم للأجنبي ووعيهم بخطورة ما يمثله وجوده. والمراقب للشأن اليمني في هذه المرحلة يكاد يشعر أن اليمنيين بمختلف اتجاهاتهم بدأوا يفقدون تلك الحساسية الصحيحة ضد كل ما هو أجنبي. وكأن ارتفاع حدة الخلافات ووصولها إلى درجة غير مسبوقة وراء هذا التحول، ووراء فقدان الحرص الذي تميز به الإنسان في هذا البلد أياً كان موقعه أو كان مستواه الثقافي والسياسي ومن الحلول المطروحة للخروج من دائرة الفتنة المستيقظة، الاتجاه نحو المشاركة في بناء المستقبل ووضع الخلافات جانباً وأن يمضي الجميع نحو التخطيط لمستقبل كريم يحقق للشعب المسكين، الشعب الذي يلهث وراء لقمة العيش، ما يحتاج إليه من ضروريات الحياة، ولا جديد في القول بأنه عانى وفي هذه الآونة بخاصة وأصابته حالة من الاكتئاب العام وفقدان الثقة بكل من يتحدثون باسمه من الأطراف دون استثناء فقد أكل من الكلام حتى الشبع وارتوى حتى لم يعد بحاجة إلى مزيد من الأقوال التي تزيده ظمأ إلى الحقيقة التي يصنعها الواقع وتعبّر عنها حالة الغالبية في المدن والأرياف.

إن الأبطال الحقيقيين في كل الشعوب وفي كل العصور هم أولئك الذين يصنعون السلام ويحافظون على الوئام بين أبناء وطنهم ويعملون جاهدين على تنقية القلوب من الكراهية والأحقاد المتوارثة، وهم لا يظهرون إلاّ في مثل هذه المنعطفات والظروف، ولا تكون الأجيال الراهنة هي التي تدين لهم وتقدر مواقفهم بل الأجيال القادمة أيضاً.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد